قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَقْصُرُ سَبْعَةَ عَشْرَ يَوْمًا لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّمَامُ إلَّا فِيمَا وَرَدَتْ فِيهِ الرُّخْصَةُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ " سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَامَ سَبْعَةَ عَشْرَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ " وَبَقِيَ فِيمَا زَادَ عَلَى
حُكْمِ الْأَصْلِ
(وَالثَّانِي)
يَقْصُرُ أَبَدًا لِأَنَّهُ إقَامَةٌ عَلَى حَاجَةٍ يَرْحَلُ بَعْدَهَا فَلَمْ يَمْنَعْ الْقَصْرَ كَالْإِقَامَةِ فِي سَبْعَةَ عَشْرَ وَخَرَّجَ أبو إسحق قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ يَقْصُرُ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ أَبْلَغُ فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لَا يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ وَالنِّيَّةُ يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَقْصُرْ فَلَأَنْ لَا يَقْصُرَ إذَا أقام أولى)
* (الشَّرْحُ) حَدِيثُ تَحْرِيمِ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَحَدِيثُ " يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَجْلَى الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ ثُمَّ أَذِنَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْهُمْ تَاجِرًا أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثًا صَحِيحٌ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ فَرَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ وَحَدِيثُ إقَامَةِ الصَّحَابَةِ بِرَامَهُرْمُزَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَّا أَنَّ فِيهِ عِكْرِمَةَ بْنَ عَمَّارٍ وَهُوَ مُخْتَلِفٍ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ تِسْعَةَ عَشْرَ بِنُقْصَانِ وَاحِدٍ مِنْ عِشْرِينَ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ أَبِي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيِّ سَبْعَةَ عَشْرَ بِنُقْصَانِ ثَلَاثَةٍ مِنْ عِشْرِينَ وَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُهَذَّبِ: أَمَّا أَلْفَاظُ الْفَصْلِ فَقَوْلُهُ أَجْلَى عُمَرُ الْيَهُودَ مَعْنَاهُ أَخْرُجَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ جَلَا الْقَوْمُ خَرَجُوا مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَأَجْلَيْتهمْ وَجَلَوْتهمْ أَخْرَجَتْهُمْ وَرَامَهُرْمُزَ - بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ زَايٌ - وَهِيَ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ وَقَوْلُهُ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ هُوَ بِالتَّاءِ فِي أَوَّلِ تِسْعَةِ وَقَوْلُهُ الْإِقَامَةُ لَا يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ هُوَ بِالْفَاءِ أَيْ لَا تُرْفَعُ بَعْدَ وُجُودِهَا وَالنِّيَّةُ يُمْكِنُ قَطْعُهَا وَإِبْطَالُهَا أَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ بِالْإِقَامَةِ الْمُقَيَّدَةِ فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ تِسْعَةَ عَشْرَ يَوْمًا كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ سَبْعَةَ عَشْرَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَبِي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خَمْسَةَ عَشْرَ وَلَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ مُرْسَلَةٌ وَكَانَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فِي إقَامَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ لِحَرْبِ هَوَازِنَ فِي عَامِ الْفَتْحِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يَقْصُرْ الصَّلَاةَ " إلَّا أَنَّ فِي إسْنَادِهِ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ تِسْعَةَ عَشْرَ وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ قَالَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ رِوَايَةِ ثَمَانَ عَشْرَةَ
وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَسَبْعَ عَشْرَةَ فَإِنَّ مَنْ رَوَى تِسْعَ عَشْرَةَ عَدَّ يَوْمِيِّ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَمَنْ رَوَى سَبْعَ عَشْرَةَ لَمْ يَعُدَّهُمَا وَمَنْ رَوَى ثَمَانَ عَشْرَةَ عَدَّ أَحَدَهُمَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَقَامَ رسول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute