أَوْلَيْ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) يَتَرَخَّصُ أَبَدًا (وَأَصَحُّهُمَا) لَا يَتَجَاوَزُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَارَبٍ
فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ أَصْلًا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ
(وَالثَّانِي)
أَنَّهُ كَالْمُحَارَبِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَقَالُوا هُوَ غَلَطٌ (فَإِنْ قِيلَ) ثَبَتَ فِي صَحِيحَيِّ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَرَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَأَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا فَلَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعَ " فَهَذَا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَوَى إقَامَةَ هَذِهِ الْمُدَّةِ (فَالْجَوَابُ) مَا أَجَابَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَأَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ قَالُوا لَيْسَ مُرَادُ أَنَسٍ أَنَّهُمْ أَقَامُوا فِي نَفْسِ مَكَّةَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ بَلْ طُرُقُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ رِوَايَاتِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ فِي حَجَّتِهِ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَأَقَامَ بِهَا ثلاثة ولم يحسب يوم لدخول وَلَا الثَّامِنَ لِأَنَّهُ خَرَجَ فِيهِ إلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَبَاتَ بِهَا وَسَارَ مِنْهَا يَوْمُ التَّاسِعِ إلَى عَرَفَاتٍ وَرَجَعَ فَبَاتَ بِمُزْدَلِفَةَ ثُمَّ أَصْبَحَ فَسَارَ إلَى مِنَى فَقَضَى نُسُكَهُ ثُمَّ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ فَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا يقصر ثم نفر منها بَعْدَ الزَّوَالِ فِي ثَالِثِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَنَزَلَ بِالْمُحَصَّبِ وَطَافَ فِي لَيْلَتِهِ لِلْوَدَاعِ ثُمَّ رَحَلَ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمْ يُقِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
لَوْ سَافَرَ عَبْدٌ مَعَ سَيِّدِهِ وَامْرَأَةٌ مَعَ زَوْجِهَا فَنَوَى الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةُ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْوِ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ (أَحَدُهُمَا) يَنْقَطِعُ رُخْصُهُمَا كَغَيْرِهِمَا
لَا يَنْقَطِعُ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُمَا فِي الْإِقَامَةِ فَلَغَتْ نِيَّتَهُمَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَلَوْ نَوَى الْجَيْشُ الْإِقَامَةَ مَعَ الْأَمِيرِ وَلَمْ يَنْوِ هُوَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ (قُلْت) الْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُمْ يَتَرَخَّصُونَ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمْ الْجَزْمُ بِالْإِقَامَةِ
لَوْ دَخَلَ مُسَافِرَانِ بَلَدًا وَنَوَيَا إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَأَحَدُهُمَا يَعْتَقِدُ جَوَازَ الْقَصْرِ مَعَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْآخَرُ لَا يَعْتَقِدُهُ كُرِهَ لِلْآخَرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ صَحَّ وَإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute