الثاني) وبه قال أبو اسحق إنْ أَرَادَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ لَمْ يَقْرَأْ لِئَلَّا تَفُوتَ الْقِرَاءَةُ عَلَى الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ أَرَادَ سُورَةً طَوِيلَةً قَرَأَ لِأَنَّهُ لَا تَفُوتُهُمْ وَحَمَلَ النَّصَّيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ (وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ) حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَآخَرُونَ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَفِّفَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَى لِأَنَّهَا حَالَةُ شُغْلٍ وَحَرْبٍ وَمُخَاطَرَةٍ عَنْ خِدَاعِ الْعَدُوِّ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِلطَّائِفَتَيْنِ تَخْفِيفُ قِرَاءَةِ رَكْعَتِهِمْ الثَّانِيَةِ لِئَلَّا يَطُولَ الِانْتِظَارُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ قَرَأَ الْإِمَامُ فِي حَالِ الِانْتِظَارِ أَمْ لَا يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَرْكَعَ حَتَّى تَفْرُغَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَلَوْ لَمْ يَنْتَظِرْهُمْ الْإِمَامُ فَأَدْرَكَتْهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ رَاكِعًا أَدْرَكُوا الرَّكْعَةَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا في غير حالة الخوف كذا قالوه ويجئ فِيهِ الْوَجْهُ الشَّاذُّ السَّابِقُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَنْ ابْن خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا تُحْسَبَ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ وَلَا تُحْسَبَ حَتَّى يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَإِذَا صَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَارَقُوهُ لِيُتِمُّوا الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَنْوُونَ مُفَارَقَتَهُ وَمَتَى يُفَارِقُونَهُ فِيهِ طَرِيقَانِ (الصَّحِيحُ) مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ منها الاول والثانى وأحدهما يفارقوونه بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ السَّلَامِ وَهَذَا نَصُّهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ كُتُبِ الْأُمِّ فَعَلَى هَذَا إذَا قَارَبَ السَّلَامَ فَارَقُوهُ ثُمَّ انْتَظَرَهُمْ وَطُوَّلَ الدُّعَاءَ حَتَّى يُصَلُّوا رَكْعَتَهُمْ وَيَتَشَهَّدُوا ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) وَهُوَ أَصَحُّهَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ وَأَشْهَرُهَا وَبِهِ قَطَعَ كَثِيرُونَ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ يُفَارِقُونَهُ عَقِبَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَخَفُّ وَيُخَالِفُ الْمَسْبُوقَ فَإِنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا فَارَقَ لَا يَنْتَظِرُهُ أَحَدٌ وَهُنَا يَنْتَظِرُهُ الْإِمَامُ لِيُسَلِّمَ بِهِ فَكُلَّمَا طَالَ مُكْثُهُ طَالَ انْتِظَارُ الْإِمَامِ وَطَالَتْ صَلَاتُهُ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَالثَّالِثُ) حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ عَنْ الْقَدِيمِ يُفَارِقُهُ عَقِبَ السَّلَامِ كَالْمَسْبُوقِ حَقِيقَةً وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ أَنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ عَقِبَ السُّجُودِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَلَّى رُبَاعِيَّةً يَتَشَهَّدُ مَعَهُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ سِيَاقَ نَصِّ الشَّافِعِيِّ يَرُدُّهُ فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ عَقِبَ السُّجُودِ فَهَلْ يَتَشَهَّدُ فِي حَالِ انْتِظَارِهِمْ فِيهِ طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) أَنَّهُ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ وَهُمَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَتَشَهَّدُ قَوْلًا وَاحِدًا وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يُقْرَأُ عَلَى قَوْلٍ لِيُسَوِّيَ بَيْن الطَّائِفَتَيْنِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَهُمْ وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ يَتَشَهَّدَ لِئَلَّا يَخُصَّ الثَّانِيَةَ بِالتَّشَهُّدِ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَشَهَّدُ اشْتَغَلَ فِي حَالِ انْتِظَارِهِ بِالذِّكْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute