للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ سَدَا كُلِّ ثَوْبٍ مُطْلَقًا أَقَلُّ مِنْ لُحْمَتِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصيغة وَاخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الثِّيَابِ فَمِنْهَا مَا يَدْفِنُ الصَّانِعُ اللحمة منه في السدا ويجعل السدا هُوَ الظَّاهِرَ وَمِنْهَا مَا يُظْهِرُ اللُّحْمَةَ عَلَى السدا ويدفن السدا فِيهِ وَكَذَلِكَ مِنْهَا مَا يَكُونُ سَدَاهُ أَكْثَرَ وَزْنًا وَمِنْهَا مَا يَكُونُ لُحْمَتُهُ أَكْثَرَ وَزْنًا وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخَزُّ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِحَسَبِ " الصَّنْعَةِ أَمَّا أَحْكَامُ الْفَصْلِ فَفِيهِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) إذَا كَانَ بَعْضُ الثَّوْبِ حَرِيرًا وَبَعْضُهُ غَيْرَهُ وَنُسِجَ مِنْهُمَا فَفِيهِ طَرِيقَانِ

(أَحَدُهُمَا)

قَالَهُ الْقَفَّالُ وَقَلِيلٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ إنْ كَانَ الْحَرِيرُ ظَاهِرًا يُشَاهَدُ حَرُمَ وَإِنْ قَلَّ وَزْنُهُ وَإِنْ اسْتَتَرَ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَثُرَ وَزْنُهُ لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ وَالْمُفَاخَرَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالظَّاهِرِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَجُمْهُورُ الْخُرَاسَانِيِّينَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْوَزْنِ فَإِنْ كَانَ الْحَرِيرُ أَقَلَّ وَزْنًا حَلَّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ حَرُمَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ (الصَّحِيحُ) مِنْهُمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ الْحِلُّ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا حَرَّمَ ثَوْبَ الْحَرِيرِ وَهَذَا لَيْسَ بِحَرِيرٍ وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ (وَالثَّانِي) التَّحْرِيمُ حَكَاهُ صَاحِبُ الْحَاوِي عَنْ الْبَصْرِيِّينَ وَصَحَّحَهُ وَلَيْسَ كَمَا صَحَّحَ (الثَّانِيَةُ) قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ لُبْسُ الْمُطَرَّزِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ طِرَازُ الْحَرِيرِ أَرْبَعَ أَصَابِعَ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَحَرَامٌ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَيَجُوزُ لبس الثوب المطرز والمجيب وَنَحْوِهِمَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ الْعَادَةَ فِيهِ فان جاوزها حرم بالاتفاق ولو وقع ثَوْبَهُ بِدِيبَاجٍ قَالُوا هُوَ كَتَطْرِيزِهِ وَقَوْلُ الْبَغَوِيِّ لَوْ رُقِّعَ بِقَلِيلِ دِيبَاجٍ جَازَ مَحْمُولٌ عَلَى ما ذكرناه وَلَوْ خَاطَ ثَوْبًا بِإِبْرَيْسَمٍ جَازَ لُبْسُهُ بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ الدِّرْعِ الْمَنْسُوجَةِ بِذَهَبٍ قَلِيلٍ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ لِكَثْرَةِ الْخُيَلَاءِ فِيهِ وَلَوْ اتَّخَذَ سُبْحَةً فِيهَا خَيْطٌ حَرِيرٌ لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهَا لِعَدَمِ الْخُيَلَاءِ (الثَّالِثَةُ) لَوْ اتَّخَذَ جُبَّةً مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ وَحَشَاهَا حَرِيرًا أَوْ حَشَا الْقَبَاءَ وَالْمِخَدَّةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ الْحَرِيرَ جَازَ لُبْسُهَا وَاسْتِعْمَالُ كُلِّ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ

الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ فَأَشَارَ إلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَحَكَاهُ أَيْضًا الرَّافِعِيُّ وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ وَلَوْ كَانَتْ ظِهَارَةُ الْجُبَّةِ حَرِيرًا وَبِطَانَتُهَا قُطْنًا أَوْ ظِهَارَتُهَا قُطْنًا وَبِطَانَتُهَا حَرِيرًا فَهِيَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>