لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الظُّهْرِ مَعَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى الْجُمُعَةِ وَمِمَّنْ حَكَى هَذَا الْوَجْهَ الرَّافِعِيُّ وَإِذَا كَانَ الْعُذْرُ خَفِيًّا
فَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ أُحِبُّ إخْفَاءَ الْجَمَاعَةِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا كَثِيرُونَ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُكْرَهُ إخْفَاءُ الْجَمَاعَةِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ عُذْرُهُمْ ظَاهِرًا لَمْ يُكْرَهْ إظْهَارُ الْجَمَاعَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِذَا صَلَّى الْمَعْذُورُ الظُّهْرَ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَتْهُ ظُهْرُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ بِالِاتِّفَاقِ إلَّا الصَّبِيَّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ كَمَا ضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إذَا زَالَ إشْكَالُهُ فَيَلْزَمُهُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ وَهُوَ الْآنَ مُتَمَكِّنٌ وَهَذَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَرَادَ صحاب الْأَعْذَارِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ هُوَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخُنْثَى أَمَّا إذَا زَالَ الْعُذْرُ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ قَالَ الْقَفَّالُ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُوَ كَرُؤْيَةِ الْمَاءِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ بِالتَّيَمُّمِ وَهَذَا يَقْتَضِي خِلَافًا فِي بُطْلَانِ ظُهْرِهِ كَالْخِلَافِ هناك ويقتضى خلافا في استحباب قطعها والاكتفاء فِيهَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي بُطْلَانِ هَذِهِ الظُّهْرَ وَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ لِاتِّصَالِهَا بِالْمَقْصُودِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُكَفِّرِ بِالصَّوْمِ إذَا وَجَدَ الرَّقَبَةَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ وَجَدَ الْمُتَمَتِّعُ الْهَدْيَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ أَوْ تَمَكَّنَ مَنْ تزويج أَمَةً مِنْ نِكَاحِ حُرَّةٍ وَنَظَائِرِهِ وَهَذَا الْخِلَافُ تَفْرِيعٌ عَلَى إبْطَالِ ظُهْرِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ إذَا قَدَّمَهَا عَلَى الْجُمُعَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَبْطُلْ تِلْكَ فَهَذِهِ أَوْلَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَعْذُورِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَقَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (الصَّحِيحُ) الْمَشْهُورُ الْجَدِيدُ أَنَّ فَرْضَهُ الظُّهْرُ وَتَقَعُ الْجُمُعَةُ نَافِلَةً لَهُ كَمَا تَقَعُ لِلصَّبِيِّ نَافِلَةً
(وَالثَّانِي)
وَهُوَ الْقَدِيمُ يَحْتَسِبُ اللَّهَ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا وَقَدْ سَبَقَ نَحْوُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ ودليل هذه المسائل تفهم مما ذكره المصنف مع ما أشرت إليه
* (فَرْعٌ)
ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَعْذُورِينَ كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِمْ فَرْضُهُمْ الظُّهْرُ فَإِنْ صَلَّوْهَا صَحَّتْ وَإِنْ تَرَكُوا الظُّهْرَ وَصَلَّوْا الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُمْ بِالْإِجْمَاعِ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِيهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُمَا (فان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute