للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسُّجُودِ لِأَنَّ السُّجُودَ نَفْلٌ فَلَا يُشْتَغَلُ بِهِ عَنْ الْخُطْبَةِ وَهِيَ فَرْضٌ فَلَوْ نَزَلَ فَسَجَدَ وَعَادَ إلَى الْمِنْبَرِ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَنَى عَلَى خُطْبَتِهِ بِلَا خِلَافٍ فَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ فَقَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَسَبَقَ ذِكْرُهُمَا (أَصَحُّهُمَا) وَهُوَ الْجَدِيدُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ وَاجِبَةٌ لِأَنَّ فَوَاتَهَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْوَعْظِ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ الْخُطْبَةِ

(وَالثَّانِي)

وَهُوَ الْقَدِيمُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ مُسْتَحَبَّةٌ فَعَلَى هَذَا يُسْتَحَبُّ الِاسْتِئْنَافُ فَإِنْ بَنَى جَازَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ قَرَأَ آيَةً فِيهَا مَوْعِظَةٌ وَقَصَدَ إيقَاعَهَا عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى وَعَنْ الْقِرَاءَةِ لَمْ تُحْسَبْ عَنْ الْجِهَتَيْنِ بَلْ تُحْسَبُ قِرَاءَةً وَلَا يُجْزِئُهُ الْإِتْيَانُ بِآيَاتٍ تَشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ الْأَرْكَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى خُطْبَةً وَلَوْ أَتَى بِبَعْضِهَا فِي ضِمْنِ آيَةٍ جَازَ (الْخَامِسُ) الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَحَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَكَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ وَجْهَيْنِ وَالصَّوَابُ قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَمَقْصُودُ الْخُطْبَةِ الْوَعْظُ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَمِمَّنْ نَقَلَهُ عَنْ الْإِمْلَاءِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ

(وَالثَّانِي)

أَنَّهُ وَاجِبٌ وَرُكْنٌ لَا تَصِحُّ الْخُطْبَةُ إلَّا بِهِ وَهَذَا نَصُّهُ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْأُمِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَصَحِّ فرجح جمهور العراقيين اسحبابه وَبِهِ قَطَعَ شَيْخُهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي مواضع من تعليقه وادعى الاجماع أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا الْمَحَامِلِيُّ فِي كُتُبِهِ الثَّلَاثَةِ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْمُصَنِّفُ فِي

التَّنْبِيهِ وَقَطَعَ بِهِ قَبْلَهُمْ ابْنُ الْقَاصِّ فِي التَّلْخِيصِ وَرَجَّحَ جُمْهُورُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وُجُوبَهُ وَقَطَعَ بِهِ شَيْخُهُمْ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَصَاحِبُهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبَاهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَقَطَعَ به الْعِرَاقِيِّينَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْحَاوِي وَرَجَّحَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا قُلْنَا يَجِبُ فَمَحِلُّهُ الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرَيْ الْبُوَيْطِيِّ وَالْمُزَنِيِّ فَلَوْ دَعَا فِي الْأُولَى لَمْ يُجْزِئْهُ قَالُوا ويكفى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَرَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ مُتَعَلِّقًا بِأُمُورِ الْآخِرَةِ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَخْصِيصِهِ بِالسَّامِعِينَ بِأَنْ يَقُولَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ فَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ إمَّا مَكْرُوهٌ وَإِمَّا خِلَافُ الْأَوْلَى هَذَا إذا دعا بِعَيْنِهِ فَأَمَّا الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِجُيُوشِ الْإِسْلَامِ فَمُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجَازَفَةً فِي وَصْفِهِ وَنَحْوَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ فِيهِ طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>