كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَرُوِيَ بِشَهْرَيْنِ وَرُوِيَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ مَعْرِفَةُ السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَآخَرُونَ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ وابن عكيم ليس بصاحبي وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَذْهَبُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ جَوَازُ الدِّبَاغِ وَوَهَّنُوا هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّ ابْنَ عُكَيْمٍ لَمْ يلق النبي صلى الله لعيه وَسَلَّمَ إنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ كِتَابٍ أَتَاهُمْ وَعَلَّلُوهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَعَنْ مَشْيَخَةٍ مَجْهُولِينَ لَمْ تَثْبُتْ صُحْبَتُهُمْ إذَا عُرِفَ هَذَا: فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا مَا قَدَّمْنَاهُ
عَنْ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ كَمَا سَبَقَ وَكَمَا نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ احمد ولا يقدح في هذين الجوابين قبول التِّرْمِذِيِّ إنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ لِأَنَّهُ قَالَهُ عَنْ اجْتِهَادِهِ وَقَدْ بَيَّنَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَجْهَ ضَعْفِهِ كَمَا سَبَقَ: الثَّالِثُ أَنَّهُ كِتَابٌ وَأَخْبَارُنَا سَمَاعٌ وَأَصَحُّ إسْنَادًا وَأَكْثَرُ رُوَاةً وَسَالِمَةٌ مِنْ الِاضْطِرَابِ فَهِيَ أَقْوَى وَأَوْلَى: الرَّابِعُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي النَّهْيِ وَأَخْبَارُنَا مُخَصِّصَةٌ لِلنَّهْيِ بِمَا قَبْلَ الدِّبَاغِ مُصَرِّحَةٌ بِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ: وَالْخَامِسُ أَنَّ الْإِهَابَ الْجِلْدُ قَبْلَ دِبَاغِهِ وَلَا يُسَمَّى إهَابًا بَعْدَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَأَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ وَالْجَوْهَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بَلْ النَّهْيُ لِمَا قَبْلَ الدِّبَاغِ تَصْرِيحًا: فَإِنْ قَالُوا خَبَرُنَا مُتَأَخِّرٌ فَقُدِّمَ: فَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا لَا نُسَلِّمُ تَأَخُّرَهُ عَلَى أَخْبَارِنَا لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدُونِ شَهْرَيْنِ وَشَهْرٍ: الثَّانِي أَنَّهُ رُوِيَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَرُوِيَ شَهْرَيْنِ وَرُوِيَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا كَمَا سَبَقَ وَكَثِيرٌ مِنْ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ فِيهَا تَارِيخٌ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَتَيْ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا فَحَصَلَ فيه نوع اضطراب فليبق فِيهِ تَارِيخٌ يُعْتَمَدُ: الثَّالِثُ لَوْ سَلِمَ تَأَخُّرَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ لِأَنَّهُ عَامٌّ وَأَخْبَارُنَا خَاصَّةٌ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ الْجَمَاهِيرِ مِنْ أَهْلِ أُصُولِ الْفِقْهِ: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى اللَّحْمِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ نُصُوصٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ والثاني ان الدباغ في اللحم لا يتأنى وَلَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ بَلْ يَمْحَقُهُ بِخِلَافِ الْجِلْدِ فَإِنَّهُ يُنَظِّفُهُ وَيُطَيِّبُهُ وَيُصَلِّبُهُ: وَبِهَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ يجاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute