للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ حَالَ الْخُطْبَةِ وَتَحْرِيمِ الْكَلَامِ

* ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ

وَدَاوُد وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وأبو حنيفة واحمد يحرم

* واحتج لهم بقول الله تعالي (وإذا قرى القرآن فاستمعوا له وانصتوا) وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ أبى الدارداء قَالَ " دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَرَأَ سُورَةَ بَرَاءَةٍ فقلت لابي ابن كَعْبٍ مَتَى نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي فلما صلينا قلت له سألتك فلم تكلمني فقال مالك مِنْ صَلَاتِكَ إلَّا مَا لَغَوْتَ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَدَقَ أَبِي " حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ بَدَلُ رَكْعَتَيْنِ فَحَرُمَ بَيْنَهُمَا الْكَلَامُ كَالصَّلَاةِ

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَرَّاتٍ وَبِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ " دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يارسول اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ فَأَشَارَ إلَيْهِ النَّاسُ أَنْ اسكت فسأله ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يُشِيرُونَ إلَيْهِ أَنْ اُسْكُتْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْحَكَ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ أَنَسٍ أَيْضًا قَالَ " بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَذَكَرَ حَدِيثَ الِاسْتِسْقَاءِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَجَابُوا عَنْ الْآيَةِ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ هَذَا إنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ الْخُطْبَةُ وَأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمُرَادِ وَعَنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّغْوِ الْكَلَامُ الْفَارِغُ وَمِنْهُ لَغْو الْيَمِينِ وَعَنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ الْمُرَادَ نَقْصُ جُمُعَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّاكِتِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا تَفْسُدُ بِالْكَلَامِ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ

*

* قال المصنف رحمه الله

* (وسننها أن يكون علي منبر لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يخطب على المنبر ولانه أبلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>