للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انه رجع عن تنجيس شعر الآدمى وحكي الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الشَّعْرَ تَابِعٌ لِلْجِلْدِ يَطْهُرُ بِطَهَارَتِهِ وَيَنْجُسُ بِنَجَاسَتِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الْحِكَايَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي شَذَّتْ عَنْ الْجُمْهُورِ فَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ قَوْلًا ثَانِيًا لِلشَّافِعَيَّ أَنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ وَامْتَنَعَ الْجُمْهُورُ مِنْ إثْبَاتِ قَوْلٍ ثَانٍ لِمُخَالِفَتِهَا نُصُوصَهُ وَيُحْتَمَل أَنَّهُ حَكَى مَذْهَبَ غَيْرِهِ: وَأَمَّا شَعْرُ الْآدَمِيِّ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ: وَالثَّانِي وَهُوَ

مَنْصُوصٌ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ طَاهِرٌ هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْحَاوِي وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ شَعْرَ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَصُوفَهُ وَوَبَرَهُ وَرِيشَهُ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ: وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَاخْتَلَفُوا فِي الرَّاجِحِ فِيهِ فَاَلَّذِي صَحَّحَهُ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ نَجَاسَتُهُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ جَمِيعُ الْخُرَاسَانِيِّينَ أَوْ جَمَاهِيرُهُمْ طَهَارَتُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ صَحَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ رُجُوعُهُ عَنْ تَنْجِيسِ شَعْرِ الْآدَمِيِّ فَهُوَ مَذْهَبُهُ وَمَا سِوَاهُ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ لَهُ: ثُمَّ الدَّلِيلُ يَقْتَضِيهِ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَرْعٍ فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ: ثُمَّ إنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي شَعْرِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ مُفَرَّعٌ عَلَيَّ نَجَاسَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ مَيْتَتِهِ فَشَعْرُهُ طَاهِرٌ بِلَا خِلَافٍ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالشَّاشِيُّ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَإِذَا انْفَصَلَ شَعْرُ آدَمِيٍّ فِي حَيَاتِهِ فَطَاهِرٌ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ تَكْرِمَةً لِلْآدَمِيِّ وَلِعُمُومِ الْبَلْوَى وَعُسْرِ الِاحْتِرَازِ وَأَمَّا إذَا انْفَصَلَ جُزْءٌ مِنْ جَسَدِهِ كَيَدِهِ وَظُفْرِهِ فَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ أَوْ جُمْهُورُهُمْ بِنَجَاسَتِهِ قَالُوا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي مَيْتَتِهِ بِجُمْلَتِهِ لِحُرْمَةِ الْجُمْلَةِ وَقَالَ الْخُرَاسَانِيُّونَ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الطَّهَارَةُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ: قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَنْ قَالَ الْعُضْوُ الْمُبَانُ فِي الْحَيَاةِ نَجِسٌ فَقَدْ غَلِطَ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْجُزْءِ بِالْجُمْلَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا شَعْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ غَيْرِهِ فَهُوَ: أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هُوَ طَاهِرٌ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ نَجِسٌ: وَهَذَا الْوَجْهُ غَلَطٌ أَوْ كَالْغَلَطِ وَسَأَذْكُرُ فِي شَعْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وفضلات بَدَنِهِ فَرْعًا مَخْصُوصًا بِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا أنه نجس عفى عن الشعرة والشعرتين فظاهره تعميم العفو في شعر الآدمى وغيره وَقَدْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى الْعَفْوِ وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَخْصِيصِهِ بِالْآدَمِيِّ فَأَطْلَقَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>