للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَرْجِرُ بِكَسْرِ الْجِيمِ الثَّانِيَةِ بِلَا خِلَافٍ وَنَارًا بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ النَّارَ فَاعِلَةٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي اختارها الزَّجَّاجُ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَزْهَرِيُّ وَآخَرُونَ غَيْرَهُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ وَرَوَيْنَاهُ فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ وَفِي الْجَعْدِيَّاتِ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَشْرَبُ فِي الْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارًا كَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ نَارًا بِالْأَلِفِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ جَهَنَّمَ: وَأَمَّا مَعْنَاهُ فَعَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ الْفَاعِلُ هُوَ الشَّارِبُ مُضْمَرٌ فِي يُجَرْجِرُ أَيْ يُلْقِيهَا فِي بَطْنِهِ بِجَرْعٍ مُتَتَابِعٍ يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ لِتَرَدُّدِهِ فِي حَلْقِهِ وَعَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ تَكُونُ النَّارُ فَاعِلَةً: مَعْنَاهُ أَنَّ النَّارَ تُصَوِّتُ فِي جَوْفِهِ وَسُمِّيَ الْمَشْرُوبُ نَارًا لِأَنَّهُ يؤول إلَيْهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بطونهم نارا وَأَمَّا جَهَنَّمُ عَافَانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ قَالَ يُونُسُ وَأَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ هِيَ عَجَمِيَّةٌ لَا تَنْصَرِفُ لِلتَّعْرِيفِ وَالْعُجْمَةِ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ عَرَبِيَّةٌ لَا تَنْصَرِفُ لِلتَّأْنِيثِ وَالتَّعْرِيفِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبُعْدِ قَعْرِهَا يُقَالُ بِئْرٌ جِهْنَامٌ إذَا كَانَتْ عَمِيقَةَ الْقَعْرِ وَقَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْجُهُومَةِ وَهِيَ الْغِلَظُ سُمِّيَتْ بِهِ لِغِلَظِ أَمْرِهَا فِي الْعَذَابِ: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي لُغَاتِ الْفَصْلِ سَبَقَ مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثَيْنِ: وَأَمَّا السَّرَفُ فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ مُجَاوَزَةُ القدر المحدود لمثله: وأما الخيلاء فبضم الحاء وَالْمَدِّ مِنْ الِاخْتِيَالِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ الِاخْتِيَالُ مَأْخُوذٌ من التخيل وهو التشبه بالشئ فَالْمُخْتَالُ يَتَخَيَّلُ فِي صُورَةِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ تَكَبُّرًا

* وَقَوْلُهُ وَالتَّشَبُّهُ بِالْأَعَاجِمِ يَعْنِي بِهِمْ الْفُرْسَ مِنْ الْمَجُوسِ وَغَيْرِهِمْ وَكَانَ هَذَا غَالِبًا فِي الْأَكَاسِرَةِ: وَأَمَّا الطُّنْبُورُ فَبِضَمِّ الطَّاءِ وَالْبَاءِ والبربط بفتح البائين الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَهُوَ الْعُودُ وَالْأَوْتَارُ وَهُوَ فَارِسِيٌّ وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ صَدْرُ الْبَطِّ وَعُنُقُهُ لِأَنَّ صُورَتَهُ تُشْبِهُ ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ مَوْهُوبُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَضِرِ الْجَوَالِيقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُعَرَّبِ هُوَ مُعَرَّبٌ وَتَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ قَدِيمًا وَهُوَ مِنْ مَلَاهِي الْعَجَمِ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ وَالطُّنْبُورُ مُعَرَّبٌ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي لَفْظِ الْعَرَبِ قَالَ وَالطِّنْبَارُ لُغَةٌ فِيهِ وَأَمَّا الْفَيْرُوزَجُ فَبِفَتْحِ الْفَاء وَضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَالْبِلَّوْرُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيُقَال بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَمِمَّنْ حُكِيَ عَنْهُ هَذَا

الثَّانِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ وَهَاتَانِ اللَّفْظَتَانِ أَيْضًا عَجَمِيَّتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي أَحْكَامِ الْفَصْلِ فَاسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حِرَامٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>