للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ

* وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ صَلَّى على جنازة في المسجد فلا شئ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (وَأَمَّا) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا (فَجَوَابُهُ) مِنْ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ضَعْفِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بِكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ

وَالْبَيْهَقِيُّ وَآخَرُونَ قَالَ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا انفرد به صالح مولي التوءمة وَهُوَ مُخْتَلِفٌ فِي عَدَالَتِهِ لَكِنَّ مُعْظَمَ مَا عَابُوا عَلَيْهِ الِاخْتِلَاطُ قَالُوا وَسَمَاعُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَنَحْوِهِ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْهُ وَاَللَّهُ اعلم (الوجه الثاني) ان الذى ذكره أبو داود في رِوَايَتُهُ فِي جَمِيعِ نُسَخِ كِتَابِهِ الْمُعْتَمَدَةِ فَلَا شئ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ لَوْ صح (واما) رواية فلا شئ لَهُ فَهِيَ مَعَ ضَعْفِهَا غَرِيبَةٌ وَلَوْ صَحَّتْ لوجب حملها علي فلا شئ عَلَيْهِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لا نفسكم وان اسأتم فلها) أَيْ فَعَلَيْهَا (الثَّالِثُ) أَجَابَ بِهِ الْخَطَّابِيُّ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ مَحْمُولًا عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ يَنْصَرِفُ غَالِبًا إلَى أَهْلِهِ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الصَّحْرَاءِ حَضَرَ دَفْنَهَا غَالِبًا فَنَقَصَ أَجْرُ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَلَا أَجْرَ كَامِلٌ لَهُ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ " أَيْ لَا صَلَاةَ كَامِلَةٌ (فَإِنْ قِيلَ) لَا حُجَّةَ فِي حديث عائشة لا حتمال أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ لِعُذْرِ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ وَضَعَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَصَلَّى عَلَيْهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجِدِ مُصَلَّى الْجَنَائِزِ (فَالْجَوَابُ) أَنَّ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ كُلَّهَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ " أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَمَرَتْ أَنْ تمر بجنازة سعد ابن أَبِي وَقَّاصِ فِي الْمَسْجِدِ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ الْبَيْضَاءَ الافى الْمَسْجِدِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ " لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمُرُّوا بِجِنَازَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّينَ عَلَيْهِ فَفَعَلُوا فَوُقِفَ بِهِ عَلَى حُجَرِهِنَّ يُصَلِّينَ عَلَيْهِ أُخْرِجَ بِهِ مِنْ بَابِ الْجَنَائِزِ الَّذِي كَانَ الي المقاعد فَبَلَغَهُنَّ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا ذَلِكَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إلَى ان يعيبوا مالا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ عَابُوا عَلَيْنَا أَنْ نَمُرَّ بِجِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سهيل ابن بَيْضَاءَ إلَّا فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عَلَى ابن بيضاء في المسجد سهيل واخيه " (الرَّابِعَةُ) تَجُوزُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فُرَادَى بِلَا خِلَافٍ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلَّى جَمَاعَةً لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ مَعَ الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ مَعَ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكُلَّمَا كَثُرَ الْجَمْعُ كَانَ أَفْضَلَ لِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ

وَأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ " مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>