للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (السَّابِعَةُ) لَوْ اُسْتُشْهِدَ جُنُبٌ فَوَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) بِاتِّفَاقِ الْمُصَنِّفِينَ يَحْرُمُ غُسْلُهُ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ لِأَنَّهَا طَهَارَةُ حَدَثٍ فَلَمْ يَجُزْ كَغُسْلِ الْمَوْتِ

(وَالثَّانِي)

وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجِبُ غُسْلُهُ بِسَبَبِ شَهَادَةِ الْجَنَابَةِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي غُسْلِهِ عَنْ الْجَنَابَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ بِنِيَّةِ غُسْلِ الْمَوْتِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطيب والمحاملى والماوردي والعبد رى وَالرَّافِعِيُّ وَخَلَائِقُ مِنْ الْأَصْحَابِ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ غَسَّلْنَاهُ قُلْت وَقَدْ سَبَقَ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ شهيد فيجئ هنا أما إذَا اُسْتُشْهِدَتْ مُنْقَطِعَةُ الْحَيْضِ قَبْلَ اغْتِسَالِهَا فَهِيَ كَالْجُنُبِ وَإِنْ اُسْتُشْهِدَتْ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضِ فَإِنْ قُلْنَا الْجُنُبُ لَا يُغَسَّلُ فَهِيَ أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْبَحْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْحَائِضِ يَجِبُ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ أَمْ بِانْقِطَاعِهِ أَمْ بِهِمَا وَفِيهِ أَوْجُهٌ سَبَقَتْ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَإِنْ قُلْنَا بِرُؤْيَتِهِ فَهِيَ كالجنب والافلا تُغَسَّلُ قَطْعًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ

الْمَقْدِسِيُّ إلَى الْجَزْمِ بِأَنَّهَا لَا تُغَسَّلُ بِالِاتِّفَاقِ وَجَعَلَاهُ إلْزَامًا لِابْنِ سُرَيْجٍ

* (فَرْعٌ)

لَوْ أَصَابَتْ الشَّهِيدَ نَجَاسَةٌ لَا بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْخُرَاسَانِيُّونَ وَبَعْضُ العراقيين (أصحها) بِاتِّفَاقِهِمْ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ يَجِبُ غَسْلُهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ آثَارِ الشَّهَادَةِ

(وَالثَّانِي)

لَا يَجُوزُ (وَالثَّالِثُ) إنْ أَدَّى غَسْلُهَا إلَى إزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ لَمْ تغسل والاغسلت وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الثَّالِثَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ

* (فَرْعٌ)

ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ وَغُسْلَ الْمَلَائِكَةِ لَهُ حِينَ اُسْتُشْهِدَ جُنُبًا وَذَكَرْنَا أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَلَوْ ثَبَتَ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْغُسْلَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا سَقَطَ بِفِعْلِ الْمَلَائِكَةِ وَلَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُسْلِهِ وَلِهَذَا احْتَجَّ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِتَرْكِ الْغُسْلِ وَهَذَا الْجَوَابُ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الاصحاب قال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ رَدًّا لِهَذَا الْجَوَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ تَكْفِينُهُ لَوْ كَفَّنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّنْدُسِ قَالَ الْقَاضِي وَالْجَوَابُ أَنَّا لَوْ شَاهَدْنَا تَكْفِينَهُ وَسَتْرَ عَوْرَتِهِ لَمْ نَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُهُ وَقَدْ حَصَلَ (وَأَمَّا) الْغُسْلُ فَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ تَعَبُّدُ الْآدَمِيِّ بِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ نَحْوَ هَذَا وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ لَوْ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ أَوْ كَفَّنَتْهُ فِي السُّنْدُسِ لَمْ يُكْتَفَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (الثَّامِنَةُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُنْزَعُ عَنْ الشَّهِيدِ مَا لَيْسَ مِنْ غَالِبِ لِبَاسِ النَّاسِ كَالْجُلُودِ وَالْفِرَاءِ وَالْخِفَافِ وَالدِّرْعِ وَالْبَيْضَةِ وَالْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَأَمَّا بَاقِي الثِّيَابِ الْمُعْتَادِ لُبْسُهَا الَّتِي قُتِلَ فِيهَا فَوَلِيُّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَزَعَهَا وَكَفَّنَهُ بِغَيْرِهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ فِيهَا وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ قَالُوا وَالدَّفْنُ فِيهَا أَفْضَلُ وَالثِّيَابُ الْمُلَطَّخَةُ بِدَمِ الشَّهَادَةِ أَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا عَلَيْهِ كَافِيًا لِلْكَفَنِ الْوَاجِبِ وَجَبَ إتْمَامُهُ وَدَلِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ جَابِرٍ السَّابِقُ وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>