للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" والشق لا هل الْكِتَابِ " وَيُغْنِي عَنْهُ حَدِيثُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي مرضه الذى مات فيه " الحدوالي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ لَحَدْت لِلْمَيِّتِ وَأَلْحَدْت لَهُ لُغَتَانِ وَفِي اللَّحْدِ لغتان - فتح اللام وضمها - وهو يُحْفَرَ فِي حَائِطٍ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ قَدْرَ مَا يُوضَعُ الْمَيِّتُ فِيهِ وَيَسْتُرُهُ وَالشَّقُّ - بِفَتْحِ الشِّينِ - أَنْ يُحْفَرَ إلَى أَسْفَلَ كَالنَّهْرِ وَقَوْلُهُ يُعَمَّقُ هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقَوْلُهُ رِخْوَةً - بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا - وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ

* أَمَّا الْأَحْكَامُ فَفِيهِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَمَّقَ الْقَبْرُ لِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عُمْقُهُ قَامَةً وَبَسْطَةً لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي كُلِّ طُرُقِهِمْ إلَّا وَجْهًا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ قَامَةٌ بِلَا بَسْطَةٍ وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ وَمَعْنَى الْقَامَةِ وَالْبَسْطَةِ أَنْ يَقِفَ فِيهِ رَجُلٌ مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَى فَوْقِ رَأْسِهِ مَا أَمْكَنَهُ وَقَدَّرَ أَصْحَابُنَا الْقَامَةَ وَالْبَسْطَةَ بِأَرْبَعِ أَذْرُعٍ وَنِصْفٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي قَدْرِهِمَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُمَا ثَلَاثُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ وَبِهَذَا جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُودٌ وَعَجَبٌ مِنْ جَزْمِ الرَّافِعِيِّ بِهِ وَإِعْرَاضِهِ عَمَّا جَزَمَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِأَرْبَعِ أَذْرُعٍ وَنِصْفٍ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَاقُونَ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حامد والاصحاب لا ستحباب تَعْمِيقِهِ ثَلَاثَ فَوَائِدَ أَنْ لَا يَنْبُشَهُ سَبُعٌ وَلَا تَظْهَرُ رَائِحَتُهُ وَأَنْ يَتَعَذَّرَ أَوْ يَتَعَسَّرَ نَبْشُهُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ سَرِقَةَ كَفَنِهِ وَأَمَّا أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ الدَّفْنِ فَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَقَلُّهُ حُفْرَةٌ تَكْتُمُ رَائِحَةَ الْمَيِّتِ وَيَعْسُرُ عَلَى السِّبَاعِ غَالِبًا نَبْشُهُ وَالْوُصُولُ إلَى الْمَيِّتِ (الثَّانِيَةُ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَسَّعَ الْقَبْرُ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ (الثَّالِثَةُ) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الدَّفْنَ فِي اللَّحْدِ وَفِي الشَّقِّ جَائِزَانِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً لَا يَنْهَارُ تُرَابُهَا فَاللَّحْدُ أَفْضَلُ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَإِنْ كَانَتْ رِخْوَةً تَنْهَارُ فَالشَّقُّ أَفْضَلُ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَأَصْحَابُنَا فَإِنْ اخْتَارَ الشَّقَّ حَفَرَ حَفِيرَةً كَالنَّهْرِ وَبَنَى جَانِبَيْهَا بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا شَقًّا يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَيَسْقُفُ عَلَيْهِ بِاللَّبِنِ أَوْ الْخَشَبِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَيُرْفَعُ السَّقْفُ قَلِيلًا

بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتَ وَيُجْعَلُ فِي شُقُوقِهِ قِطَعُ اللَّبِنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَرَأَيْتهمْ عِنْدَنَا يَعْنِي فِي مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ يَضَعُونَ عَلَى السَّقْفِ الْإِذْخِرَ ثُمَّ يَضَعُونَ عَلَيْهِ التُّرَابَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ صِفَةِ الشَّقِّ وَاللَّحْدِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي لِمَا بَعْدَ هَذَا وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ يَكْرَهُ أَنْ يُدْفَنَ الميت في تابوت إلا إذا كانت رِخْوَةً أَوْ نَدِيَّةً قَالُوا وَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ قَالُوا وَيَكُونُ التَّابُوتُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَرَاهَةِ التَّابُوتِ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>