الْحَنَفِيَّةُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَبُرَيْدَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ فَكُلُّهَا رِوَايَاتٌ ضَعِيفَةٌ رَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ وَبَيَّنَ ضَعْفَهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَسَنٌ لِأَنَّهُ رَوَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْن أَرْطَاةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَصَوُّرِ إدْخَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ إنَّ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ وَأَطْنَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي الشَّنَاعَةِ عَلَى مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ وَنَسَبَهُ إلَى الْجَهَالَةِ وَمُكَابَرَةِ الْحِسِّ وَإِنْكَارِ الْعَيْنِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ هَذَا الَّذِي نَقَلُوهُ مِنْ أَقْبَحِ الْغَلَطِ لِأَنَّ شِقَّ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاصِقٌ بِالْجِدَارِ وَلَحْدَهُ تَحْتَ الْجِدَارِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَوْضِعٌ يُوضَعُ فِيهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَمُوَافِقِيهِ وَرَأَيْت أَنَا فِي الْأُمِّ مثله وزيادة قال الشافعي الجدار الذى اللحد تَحْتَهُ مِثْلُهُ وَاللَّحْدُ تَحْتَ الْجِدَارِ فَكَيْفَ يُدْخَلُ مُعْتَرِضًا وَاللَّحْدُ لَاصِقٌ بِالْجِدَارِ لَا يَقِفُ عَلَيْهِ شئ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا أَنْ يُسَلَّ سَلًّا أَوْ يُدْخَلَ مِنْ غَيْرِ الْقِبْلَةِ قَالَ وَأُمُورُ الْمَوْتَى وَإِدْخَالُهُمْ الْقَبْرَ مِنْ الْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَنَا لِكَثْرَةِ الْمَوْتِ وَحُضُورِ الْأَئِمَّةِ وَأَهْلِ الثِّقَةِ وَهُوَ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الَّتِي يُسْتَغْنَى فِيهَا عَنْ الْحَدِيثِ فيكون الحديث فيها كالتكليف لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي مَعْرِفَتِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا يَنْقُلُ الْعَامَّةُ عَنْ الْعَامَّةِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ يُسَلُّ سَلًّا ثُمَّ جَاءَنَا آتٍ مِنْ غَيْرِ بَلَدِنَا يُعَلِّمُنَا كَيْفَ الْمَيِّتُ ثُمَّ لَمْ يَرْضَ حَتَّى رَوَى عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مُعْتَرِضًا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةُ إبْرَاهِيمَ مُرْسَلَةٌ ضَعِيفَةٌ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلِأَنَّ مَا قُلْنَاهُ أَسْهَلُ فَكَانَ أَوْلَى (وَمَا) ادَّعُوهُ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (فَجَوَابُهُ) أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يُمْكِنَ وَلَا يُنَابَذَ سُنَّةً وَهَذَا لَيْسَ مُمْكِنًا
وَمُنَابِذًا لِلسُّنَّةِ
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِهِمْ فِي سَتْرِ الْمَيِّتِ عِنْدَ إدْخَالِهِ الْقَبْرَ بِثَوْبٍ
* قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا اسْتِحْبَابُهُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وأحمد يستحب في قبر الميت دُونَ الرَّجُلِ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريد وَشُرَيْحٍ يَكْرَهَانِ ذَلِكَ فِي قَبْرِ الرَّجُلِ * قَالَ المصنف رحمه الله
* {وَلَا يُزَادُ فِي التُّرَابِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْ الْقَبْرِ فَإِنْ زَادُوا فَلَا بَأْسَ بِهِ
* وَيُشَخَّصُ الْقَبْرُ مِنْ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ لِمَا رَوَى القاسم ابن مُحَمَّدٍ قَالَ " دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْت اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحبيه فشكفت عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةَ وَلَا لَاطِئَةَ " ويصطح القبر ويضع عَلَيْهِ الْحَصَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَطَّحَ قَبْرَ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ مِنْ حَصْبَاءِ الْعَرْصَةِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا أَنْ يُسَنَّمَ لِأَنَّ التَّسْطِيحَ مِنْ شِعَارِ الرَّافِضَةِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ صَحَّتْ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ مُوَافَقَةُ الرَّافِضَةِ فيه ويرش عليه فِيهِ وَيُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لِمَا رَوَى جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute