فِيهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارَيَّ فَلَا تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا بُدًّا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا وَفِي رِوَايَةِ أبي دواد إنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمْ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمْ الْخَمْرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا وَإِنْ لَمْ تجدوا غيرها فارحضورها بِالْمَاءِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا هَذَا لَفْظُ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَوَقَعَ فِي الْمُهَذَّبِ لَا تَأْكُلْ خِطَابًا لِلْوَاحِدِ وَلَهُ وَجْهٌ
وَلَكِنَّ الْمَعْرُوفَ لَا تأكلوا قال أهل اللغة يقال لابد مِنْ كَذَا أَيْ لَا فِرَاقَ مِنْهُ وَلَا انْفِكَاكَ عَنْهُ أَيْ هُوَ لَازِمٌ وَأَبُو ثَعْلَبَةَ الرَّاوِي وَهُوَ الْخُشَنِيُّ بِخَاءٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ شِينٍ مَفْتُوحَةٍ مُعْجَمَتَيْنِ ثُمَّ نُونٍ مَنْسُوبُ إلَى خُشَيْنٍ بَطْنٌ مِنْ قُضَاعَةَ وَاسْمُهُ جُرْهُمٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْهَاءِ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَآخَرُونَ وَقِيلَ جُرْثُومٌ (١) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاسْم أَبِيهِ نَاشِمٌ بِالنُّونِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَانَ أَبُو ثَعْلَبَةَ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْت الشَّجَرَةِ ثُمَّ نَزَلَ الشَّامَ وَتُوُفِّيَ أَيَّامَ مُعَاوِيَةَ وَقِيلَ أَيَّامَ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ فَهُوَ بَعْضٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ رِوَايَةِ عمران ابن حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فعطشوا فأرسل من يطلب الماء فجاؤا بِامْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ عَلَى بَعِيرٍ بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ فِيهِ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي الْمَزَادَتَيْنِ وَنُودِيَ فِي النَّاسِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا وَلَمْ يَدَعُوا إنَاءً وَلَا سِقَاءً إلَّا ماؤه وَأَعْطَى رَجُلًا أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ إنَاءً مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَقَالَ أَفْرِغْهُ عَلَيْك ثُمَّ أَمْسَكَ عَنْ الْمَزَادَتَيْنِ وَكَأَنَّهُمَا أَشَدُّ امْتِلَاءً مِمَّا كَانَتَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ وَقَوْمُهَا هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ مُخْتَصَرًا وَفِيهِ الْمُعْجِزَةُ الظَّاهِرَةُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وليس
(١) اختار المصنف رحمه الله في كتاب الاربعين جرثوم اه اذرعي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute