للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ وَدُفِنَ لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ للصلاة بل تجب للصلاة عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزَةٌ وَعَلَى الْقُبُورِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ السَّابِقَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ وَالْغَائِبِ وَقَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَصْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ هَذَا إذَا دُفِنَ وَهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَأَمَّا إذَا أُدْخِلَ اللَّحْدَ وَلَمْ يُهَلْ التُّرَابُ فَيُخْرَجُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ

(أَحَدِهِمَا)

قِلَّةُ الْمَشَقَّةِ وَكَثْرَتُهَا

(وَالثَّانِي)

أَنَّ إخْرَاجَهُ بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ نَبْشٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَقَبْلَ أَنْ يُهَالَ ليس بنبش دل أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ أَنْ يُهَالَ التُّرَابُ رُفِعَتْ لَبِنَةٌ مِمَّا يُقَابِلُ وَجْهَهُ لِيُنْظَرَ بَعْضُهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ

وَهَذَا خِلَافُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالصَّحِيحُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ هَذَا كَلَامُ أَبِي مُحَمَّدٍ (قُلْت) وَهَذَا النَّصُّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا إذَا دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ فَيَأْثَمُونَ بِلَا خِلَافٍ إنْ تمكنوا من غسله وكان ممن يجب غلسه فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ تَغَيَّرَ وَخُشِيَ فَسَادُهُ لَوْ نُبِشَ لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ انتهاك حُرْمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَجَبَ نَبْشُهُ وَغُسْلُهُ ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَوَجَبَ فِعْلُهُ وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ فِي الطَّرِيقَتَيْنِ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ حَكَى قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّبْشُ لِلْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بَلْ يُكْرَهُ نَبْشُهُ وَلَا يَحْرُمُ وَحَكَى صَاحِبُ الْحَاوِي وَآخَرُونَ وَجْهًا أَنَّهُ يَجِبُ نَبْشُهُ للغسل وإن تغير وفسد قال الرافعي مادام مِنْهُ جُزْءٌ مِنْ عَظْمٍ وَغَيْرِهِ وَاتَّفَقَ الَّذِينَ حَكَوْا هَذَا الْوَجْهَ عَلَى ضَعْفِهِ وَفَسَادِهِ أَمَّا إذَا دُفِنَ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ الدَّفْنُ إلَى الْقِبْلَةِ وَاجِبٌ كَمَا سَبَقَ قَالُوا فَيَجِبُ نَبْشُهُ وَتَوْجِيهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِنْ تَغَيَّرَ سَقَطَ فَلَا يُنْبَشُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَصْحَابِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ إلَّا الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ لَا يَجِبُ التَّوْجِيهُ إلَى الْقِبْلَةِ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ فَإِذَا تُرِكَ اُسْتُحِبَّ نَبْشُهُ وَلَا يَجِبُ وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً فِي هَذَا الْبَابِ (أَمَّا) إذَا دُفِنَ بِلَا تَكْفِينٍ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ

(أَحَدُهُمَا)

يُنْبَشُ كَمَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ (وَأَصَحُّهُمَا) لَا يُنْبَشُ وَبِهِ قَطَعَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ وَالسَّرَخْسِيُّ فِي الْأَمَالِيِّ وَآخَرُونَ لَا يُنْبَشُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُهُ وَقَدْ حَصَلَ وَلِأَنَّ فِي نَبْشِهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* وَلَوْ دُفِنَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ اُسْتُحِبَّ لِصَاحِبِهَا تَرْكُهُ فَإِنْ أَبَى فَلَهُ إخْرَاجُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ وَتَفَتَّتَ وَكَانَ فِيهِ هَتْكٌ لِحُرْمَتِهِ إذلا حُرْمَةَ لِلْغَاصِبِ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى هَذَا وَلَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ مَسْرُوقٍ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مَشْهُورَةٍ حَكَاهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ (أَصَحُّهَا) يُنْبَشُ كَمَا لَوْ دُفِنَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَبِهَذَا قَطَعَ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ السَّرَخْسِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ (وَالثَّانِي) لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ بَلْ يُعْطَى صَاحِبُ الثَّوْبِ قِيمَتَهُ لِأَنَّ الثَّوْبَ صَارَ كَالْهَالِكِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَلِأَنَّ خَلْعَ الثَّوْبِ أَفْحَشُ فِي هَتْكِ حُرْمَتِهِ مِنْ رَدِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>