للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ وَأَكْرَهُ الْمَآتِمَ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ فَمُرَادُهُ الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ وقد سبق بيانه.

(فرع)

في الاحاديث الوارة فِي أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ وَبِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ وَبَيَانُ تَأْوِيلِهَا وَمَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا

* عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ " قَالَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ " رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ وَاَللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ وَقَالَتْ حَسْبُكُمْ الْقُرْآنُ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى فَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ شَيْئًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّهَا قِيلَ لَهَا إنَّ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ فَقَالَتْ يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ إنَّمَا مَرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا فَقَالَ إنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ " أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي وَاجَبَلَاهُ وَاكَذَا وَاكَذَا تُعَدِّدُ عَلَيْهِ فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ مَا قُلْتِ شَيْئًا إلَّا قِيلَ لِي أَنْتَ كَذَا فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه ولم قَالَ " مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِمْ فَيَقُولُ وَاجَبَلَاهُ وَاسَنَدَاهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إلَّا وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ أَهَكَذَا أَنْتَ " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هما لهم كُفْرٌ الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ

وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَشِبْهُهَا فِي التَّحْرِيمِ وَتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ وَجَاءَ فِي الْإِبَاحَةِ مَا قَدْ يُشَابِهُ هَذَا وَلَيْسَ هُوَ مِنْهُ وَهُوَ حَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ الْكَرْبُ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَاكَرْبَ أَبَتَاهُ فَقَالَ لَيْسَ عَلَى أَبِيك كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ يَا أَبَتَاهُ إلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَحَادِيثِ تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالْبُكَاءِ فَتَأَوَّلَهَا الْمُزَنِيّ وَأَصْحَابُنَا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَنْ وَصَّى أَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ وَيُنَاحَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَنَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ فَهَذَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَنَوْحِهِمْ لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوبٌ إلَيْهِ قَالُوا فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَنَاحُوا مِنْ غَيْرِ وصيتة مِنْهُ فَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَائِهِمْ وَنَوْحِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) قَالُوا وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>