للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندي إذا أمن الا فتتان وَقَالَ صَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ وَعِنْدِي إنْ كَانَتْ زِيَارَتُهُنَّ لِتَجْدِيدِ الْحُزْنِ وَالتَّعْدِيدِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ حَرُمَ قَالَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ " لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ " وَإِنْ كَانَتْ زيارتهن للاعتبار مِنْ غَيْرِ تَعْدِيدٍ وَلَا نِيَاحَةٍ كُرِهَ إلَّا إن تكون عجوزا لا تشثهى فَلَا يُكْرَهُ كَحُضُورِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَسَنٌ وَمَعَ هَذَا فَالِاحْتِيَاطُ لِلْعَجُوزِ تَرْكُ الزِّيَارَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي دُخُولِ النِّسَاءِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا " وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ فِي ضِمْنِ الرِّجَالِ وَمِمَّا يَدُلُّ أَنَّ زِيَارَتَهُنَّ لَيْسَتْ حَرَامًا حَدِيثُ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَرَّ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ واصبري " رواه البحارى وَمُسْلِمٌ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَهَا عَنْ الزِّيَارَةِ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ - يَعْنِي إذَا زُرْت الْقُبُورَ قَالَ قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّائِرِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْمَقَابِرِ وَيَدْعُوَ لِمَنْ يَزُورُهُ وَلِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ السَّلَامُ وَالدُّعَاءُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَيَسَّرَ وَيَدْعُوَ لَهُمْ عَقِبَهَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْأَصْفَهَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ آدَابِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ الزَّائِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شاء زار قَائِمًا وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ كَمَا يَزُورُ الرَّجُلُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاةِ فَرُبَّمَا جَلَسَ عِنْدَهُ وَرُبَّمَا زاره قائما أومارا (قَالَ) وَرَوَى الْقِيَامَ عِنْدَ الْقَبْرِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَالْحَكَمِ بْنِ الْحَارِثِ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو مُوسَى وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ الزَّعْفَرَانِيُّ وَكَانَ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُحَقِّقِينَ فِي كِتَابِهِ فِي الْجَنَائِزِ وَلَا يَسْتَلِمُ الْقَبْرَ بِيَدِهِ وَلَا يُقَبِّلُهُ قَالَ وَعَلَى هَذَا مَضَتْ السُّنَّةُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَاسْتِلَامُ الْقُبُورِ وَتَقْبِيلُهَا الَّذِي يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ الْآنَ مِنْ الْمُبْتَدَعَاتِ الْمُنْكَرَةِ شَرْعًا يَنْبَغِي تَجَنُّبُ فِعْلِهِ وَيُنْهَى فَاعِلُهُ قَالَ فَمَنْ قَصَدَ السَّلَامَ عَلَى مَيِّتٍ سَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ وَإِذَا أَرَادَ الدُّعَاءَ تَحَوَّلَ عَنْ مَوْضِعِهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَالَ أَبُو مُوسَى وَقَالَ الْفُقَهَاءُ الْمُتَبَحِّرُونَ الْخُرَاسَانِيُّونَ الْمُسْتَحَبُّ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَنْ يَقِفَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَ الْمَيِّتِ يُسَلِّمُ وَلَا يَمْسَحُ

الْقَبْرَ وَلَا يُقَبِّلُهُ وَلَا يَمَسُّهُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَادَةُ النَّصَارَى (قَالَ) وَمَا ذَكَرُوهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ تَعْظِيمِ الْقُبُورِ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُسْتَحَبَّ اسْتِلَامُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْكَعْبَةِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُسَنَّ مَعَ اسْتِحْبَابِ اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَلَأَنْ لَا يُسْتَحَبَّ مَسُّ الْقُبُورِ أولي والله أعلم

*

<<  <  ج: ص:  >  >>