بِمَنَعَةٍ - هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ - عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَحُكِيَ جَوَازُ إسْكَانِهَا وَالْمَنَعَةُ بِالْفَتْحِ الْجَمَاعَةُ الْمَانِعُونَ كَكَاتِبٍ وَكَتَبَةٍ وَكَافِرٍ وَكَفَرَةٍ وَنَظَائِرِهِ وَمَنْ سَكَنَ فَمَعْنَاهُ بِقُوَّةِ امْتِنَاعٍ وَقِتَالُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَانِعِي الزَّكَاةِ كَانَ فِي أَوَّلِ خِلَافَتِهِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ
* أَمَّا الْأَحْكَامُ فَفِيهَا مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) أَنَّ الزَّكَاةَ عِنْدَنَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا عَلَى الْفَوْرِ فَإِذَا وَجَبَتْ وَتَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهَا وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى التَّمَكُّنِ فَإِنْ أَخَّرَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ عَصَى وَصَارَ ضَامِنًا فَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ سَوَاءٌ تَلِفَ بَعْدَ مُطَالَبَةِ السَّاعِي أَوْ الْفُقَرَاءِ أَمْ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ بَنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَمْ فِي الضَّمَانِ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهَا بِتَفْرِيعِهَا فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي حَيْثُ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ان قلنا شرط ى الْوُجُوبِ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ قُلْنَا شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ قُلْنَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ انْتَقَلَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ إلَى الْقِيمَةِ كَمَا إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ أَوْ الْمَرْهُونُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهِنِ إلَى الْقِيمَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ مُجَرَّدَ إمْكَانِ الْإِخْرَاجِ بَلْ يُشْتَرَطُ مَعَهُ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ
(أَحَدِهَا) حُضُورُ الْمَالِ عِنْدَهُ فَإِنْ غَابَ عَنْهُ لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ جَوَّزْنَا نَقْلَ الزكاة
(والثانى) أن يجد المصروف إليه وسيأني فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ الْأَمْوَالَ بَاطِنَةٌ وَظَاهِرَةٌ فَالْبَاطِنَةُ يَجُوزُ صَرْفُ زَكَاتِهَا بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ وَبِالسُّلْطَانِ وَالسَّاعِي فَيَكُونُ وَاجِدًا لِلْمَصْرُوفِ إلَيْهِ سَوَاءٌ وُجِدَ أهل السهمين أَوْ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ (وَأَمَّا) الظَّاهِرَةُ فَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ لَهُ تَفْرِيقُهَا بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا إمْكَانَ حَتَّى يَجِدَ السُّلْطَانَ أَوْ نَائِبَهُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِ فَأَخَّرَ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ بِأَنْ وَجَدَ السُّلْطَانَ أَوْ نَائِبَهُ فَأَخَّرَ لِيُفَرِّقَ بِنَفْسِهِ حَيْثُ جَعَلْنَاهُ أَفْضَلَ أَوْ أَخَّرَ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ أَوْ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ فَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) جَوَازُهُ فَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ التَّأْخِيرَ فَأَخَّرَ أَثِمَ وَضَمِنَ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَتَلِفَ الْمَالُ فهل يضمن فيه وجهان مشهوران (أَصَحُّهُمَا) يَكُونُ ضَامِنًا لِوُجُودِ التَّمَكُّنِ (وَالثَّانِي) لَا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لِلْوَجْهَيْنِ شَرْطَانِ
(أَحَدُهُمَا) أَنْ يَظْهَرَ اسْتِحْقَاقُ الْحَاضِرِينَ فَإِنْ تَشَكَّكَ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ فَأَخَّرَ لِيَتَرَوَّى جاز بلا خلاف
(والثانى) أن لا يَسْتَفْحِلَ ضَرَرُ الْحَاضِرِينَ وَفَاقَتُهُمْ فَإِنْ تَضَرَّرُوا بِالْجُوعِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَجُزْ التَّأْخِيرُ لِلْقَرِيبِ وَشَبَهِهِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي هَذَا الشَّرْطِ الثَّانِي نَظَرٌ لِأَنَّ إشْبَاعَهُمْ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى هَذَا الشخص ولا من هذا المال ولامن مَالِ الزَّكَاةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ بَاطِلٌ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لم يتعين هذا المال لهؤلاء المحتاجين فرفع ضَرُورَتِهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَلَا يَجُوزُ إهْمَالُهُ لِانْتِظَارِ فضيلة لو لم يعارضها شئ (الشرط الثالث) لامكان الاداء مشتغلا بمهم مِنْ أَمْرِ دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute