اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَهَذَا التَّعْلِيقُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ بِصِيغَةِ جَزْمٍ وَقَدْ ذَكَرْت فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ أَنَّ تَعْلِيقَاتِ الْبُخَارِيِّ إذَا كَانَتْ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالْمَطْهَرَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ السِّكِّيتِ وَآخَرُونَ وَهِيَ كُلُّ إنَاءٍ يُتَطَهَّرُ بِهِ شَبَّهَ السِّوَاكَ بِهَا لِأَنَّهُ يُنَظِّفُ الْفَمَ وَالطَّهَارَةُ النَّظَافَةُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الرَّبُّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ رَبٍّ فَإِنَّهُ يُضَافُ إلَى الْمَخْلُوقِ فَيُقَالُ رَبُّ الْمَالِ وَرَبُّ الدَّارِ وَرَبُّ الْمَاشِيَةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه ولم فِي الْحَدِيثِ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ دَعْهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا رَبُّهَا وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ إضَافَةَ رَبٍّ إلَى الْحَيَوَانِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ قَوْلَهُ وَقَدْ أَوْضَحْتُ كُلَّ هَذَا بِدَلَائِلِهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَذْكَارِ: وَمِمَّا جَاءَ فِي فَضْلِ السِّوَاكِ مُطْلَقًا حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرْت عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ صَلَاةٌ بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ بِغَيْرِ سِوَاكٍ فَضَعِيفٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ وَضَعَّفَهَا كُلَّهَا وَكَذَا ضَعَّفَهُ غَيْرُهُ وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَأَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ بِالتَّسَاهُلِ فِي التَّصْحِيحِ وَسَبَبُ ضَعْفِهِ أَنَّ مَدَارَهُ عَلَى مُحَمَّدِ ابن إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَلَمْ يُذْكَرْ سَمَاعُهُ وَالْمُدَلِّسُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ سَمَاعُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ لِأَهْلِ هَذَا الْفَنِّ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ لَيْسَ كذلك فان محمد ابن إِسْحَاقَ لَمْ يَرْوِ لَهُ مُسْلِمٌ شَيْئًا مُحْتَجًّا بِهِ وَإِنَّمَا رَوَى لَهُ مُتَابَعَةً وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ فِي الْمُتَابَعَاتِ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِلتَّقْوِيَةِ لَا لِلِاحْتِجَاجِ وَيَكُونُ اعْتِمَادُهُمْ عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَذَلك مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ وَالْبَيْهَقِيُّ أَتْقَنُ فِي هَذَا الْفَنِّ مِنْ شَيْخِهِ الْحَاكِمِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
وَيُغْنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لولا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ فَزَعَمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَرْوِهِ وَجَعَلَهُ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ الْعَبَّاسِ فَهُوَ ضَعِيفٌ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْعَبَّاسِ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِسْنَادُهُمَا لَيْسَ بقوي قال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute