إتْلَافِهَا لِلْعَطَشِ عُشْرُهَا تَمْرًا (قُلْنَا) الْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ الْعَطَشَ وَلَا ضَرَرًا فِي تَرْكِهَا لَزِمَهُ تَرْكُهَا وَدَفْعُ التَّمْرِ بَعْدَ الْجَفَافِ فَإِذَا قَطَعَ فَهُوَ مُفَرِّطٌ مُتَعَدٍّ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِذَا خَافَ الْعَطَشَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إبْقَاؤُهَا وَلَا التَّمْرُ بَلْ لَهُ الْقَطْعُ وَدَفْعُ الرُّطَبِ فلم يلزمه غيره والله تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَإِنْ أَصَابَهَا عَطَشٌ كَانَ لَهُ قَطْعُ الثَّمَرَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ ثَمَنُ عُشْرِهَا أَوْ عُشْرُهَا
مَقْطُوعَةً هَكَذَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَنَقَلَ الرَّبِيعُ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُؤْخَذُ عُشْرُهَا مَقْطُوعَةً وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ فَذَكَرَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْخُرَاسَانِيُّونَ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ يَتَخَرَّجَانِ مِمَّا سَبَقَ
(أَحَدَهُمَا)
أَنَّهُ يَبِيعُ الثَّمَرَةَ بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْ الْمَالِكِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَيَأْخُذُ ثَمَنَ الْعُشْرِ إنْ كَانَتْ مَصْلَحَةُ الْمَسَاكِينِ فِي بَيْعِهَا وَإِلَّا فَعُشْرُهَا وَتَنْزِلُ رِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ عَلَى هَذَا وَتُحْمَلُ رِوَايَةُ الرَّبِيعِ عَلَى أَنَّهُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي عُشْرِ الثَّمَرَةِ لَا ثَمَنِ عُشْرِهَا (التَّأْوِيلُ الثَّانِي) إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَاقِيَةً أَخَذَهَا وَإِنْ تَلِفَتْ فَقِيمَتُهَا وَعَبَّرَ عَنْ الْقِيمَةِ بِالثَّمَنِ وَقَدْ اسْتَعْمَلَ الشَّافِعِيُّ مِثْلَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ وَسَبَقَ بَسْطُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ فَتَنْزِلُ رِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ عَلَى هَذَا وَتُحْمَلُ رِوَايَةُ الرَّبِيعِ عَلَى أَنَّ الثمرة كانت باقية وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute