فَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا الْمَسَاكِينُ أَخْرَجَ التَّفَاوُتَ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَكَيْفِيَّةُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ الْمُخْرَجُ بِجِنْسٍ آخَرَ فَيُعْرَفُ التَّفَاوُتُ مِثَالُهُ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ جَيِّدَةٍ فَأَخْرَجَ عَنْهَا خَمْسَةً مَعِيبَةً فَقَوَّمْنَا الْخَمْسَةَ الْجَيِّدَةَ بِذَهَبٍ.
فَسَاوَتْ نِصْفَ دِينَارٍ وَسَاوَتْ الْمَعِيبَةُ خُمُسَيْ دِينَارٍ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ كُلُّ مَالِهِ جَيِّدًا فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ رَدِيئًا كَفَاهُ الاخراج من نفسه أو من ردئ مثله وهذا الاخلاف فِيهِ وَإِنْ تَبَرَّعَ فَأَخْرَجَ أَجْوَدَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَكَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ أَوْ الذهب أنواعا بعضها جيد وبعضها ردئ أَوْ بَعْضُهَا أَجْوَدُ مِنْ بَعْضٍ فَإِنْ قَلَّتْ الْأَنْوَاعُ وَجَبَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقِسْطِهِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَشَقَّ اعْتِبَارُ الْجَمِيعِ أَخْرَجَ مِنْ أَوْسَطِهَا لَا مِنْ الْأَجْوَدِ وَلَا مِنْ الْأَرْدَأِ كَمَا سَبَقَ فِي الثِّمَارِ وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الصَّحِيحِ عَنْ الْمَكْسُورِ وَقَدْ زَادَ خَيْرًا وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ بَلْ إذَا لَزِمَهُ دِينَارٌ جَمَعَ الْمُسْتَحَقِّينَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِمْ كُلِّهِمْ بِأَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى وَاحِدٍ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ وَإِنْ وَجَبَ نِصْفُ دِينَارٍ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ دِينَارًا كَامِلًا نِصْفُهُ عَنْ الزَّكَاةِ وَنِصْفُهُ يَبْقَى لَهُ مَعَهُمْ أَمَانَةً فَإِذَا تَسَلَّمُوهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْ الزَّكَاةِ ثُمَّ يَتَفَاصَلُ هُوَ وَهُمْ فِي الدِّينَارِ بِأَنْ يَبِيعُوهُ لَأَجْنَبِيٍّ وَيَتَقَاسَمُوا ثَمَنَهُ أَوْ يَشْتَرُوا مِنْهُ نَصِيبَهُ أَوْ يَشْتَرِي نَصِيبَهُمْ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ شِرَى صَدَقَتِهِ مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي آخِرِ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْمُكَسَّرُ عَنْ الصَّحِيحِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَحُكِيَ (وَجْهٌ ثَانٍ) أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ إلَى كُلِّ مِسْكِينٍ حِصَّتَهُ مُكَسَّرًا (وَوَجْهٌ ثَالِثٌ) أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنْ مَعَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمُكَسَّرِ (وَوَجْهٌ رَابِعٌ) أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمُكَسَّرِ فَرْقٌ فِي الْمُعَامَلَةِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ (الثَّامِنَةُ) إذَا كَانَ لَهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ مَغْشُوشَةٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهَا نِصَابًا هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْمُصَنِّفُ وَجَمِيعُ الْأَصْحَابِ فِي كُلِّ الطُّرُقِ إلَّا السَّرَخْسِيَّ فَقَالَ فِي الْأَمَالِي لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِائَتَيْنِ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَغْشُوشَةِ وَمَتَى تَجِبُ فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) إذَا بَلَغَتْ قَدْرًا تَكُونُ الْفِضَّةُ الْخَالِصَةُ فِيهَا مِائَتَيْنِ وَلَا تَجِبُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ
(وَالثَّانِي)
إذَا بَلَغَتْ قَدْرًا لَوْ ضُمَّتْ إلَيْهِ قِيمَةُ الْغِشِّ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ غَيْرِهِ لَبَلَغَ نِصَابًا تَجِبُ وَهَذَا الْوَجْهُ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ السَّرَخْسِيُّ غَلَطٌ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(لَيْسَ فِيمَا دُونَ خمس اواق من الورق صدقه) والله تعالي أَعْلَمُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَغْشُوشَةٌ فَأَخْرَجَ عَنْهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ خَالِصَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَجْزَأَهُ وَقَدْ زَادَ خيرا وهو متطوع بالزيادة ولو أخرج عن مِائَتَيْنِ خَالِصَةٍ خَمْسَةً مَغْشُوشَةً فَقَدْ سَبَقَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِعَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيه وَأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute