غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مُشَاهَدٍ فَلَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهَا كَالْفِضَّةِ الْمَطْلِيَّةِ بِذَهَبٍ (الثَّانِيَةُ) أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ مُمَازِجَةً لِلنُّحَاسِ فَلَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ لِلْجَهْلِ بِهَا كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَعْجُونَاتِ وَفِي جَوَازِهَا عَلَى أَعْيَانِهَا وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ وأبو علي ابن أَبِي هُرَيْرَةَ يَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ حِنْطَةٍ مَخْلُوطَةٍ بِشَعِيرٍ وَكَالْمَعْجُونَاتِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ السَّلَمُ بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَعَادِنِ لِأَنَّ التُّرَابَ غَيْرُ مَقْصُودٍ (الحال الثاني) أن يكون الغش بشئ مستهلك لاقيمة لَهُ حِينَئِذٍ كَالزِّئْبَقِ وَالزِّرْنِيخِ فَإِنْ كَانَا مُمْتَزِجِينَ لَمْ تَجُزْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْهُولٌ مُمْتَزِجٌ كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُمْتَزِجَيْنِ بَلْ كَانَتْ الْفِضَّةُ عَلَى ظَاهِرِ الزِّرْنِيخِ وَالزِّئْبَقِ صَارَتْ الْمُعَامَلَةُ بِأَعْيَانِهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُشَاهَدٌ وَلَا يَجُوزُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْهُولٌ: هَذَا كُلُّهُ لَفْظُ صَاحِبِ الْحَاوِي قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ وَالْحُكْمُ فِي الدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ كَمَا سَبَقَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَلَا بالدنانير الخالصة وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ بِمَغْشُوشَةٍ وَلَا بِخَالِصَةٍ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةً فِي بَابِ الرِّبَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَلَوْ أَتْلَفَ الدَّرَاهِمَ الْمَغْشُوشَةَ إنْسَانٌ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا ذَهَبًا لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهَا هَذَا كَلَامُهُ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ مَضْبُوطَةً فَيَجِبُ مِثْلُهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
جَرَتْ عَادَةُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِتَفْسِيرِ الْكَنْزِ الْمَذْكُورِ في قوله تبارك وتعالي (الذين يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فبشرهم بعذات اليم) وَجَاءَ الْوَعِيدُ عَلَى الْكَنْزِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الْمُرَادُ بِالْكَنْزِ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى
زَكَاتُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَدْفُونًا أَمْ ظَاهِرًا فَأَمَّا مَا أُدِّيَتْ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بكنز سواء كان مدفونا أم بارز أو ممن قَالَ بِهِ مِنْ أَعْلَامِ الْمُحَدِّثِينَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ في ضحيحه مَا أُدِّيَتْ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ) ثُمَّ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صحيحه أن اعرابيا قال لابن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute