للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى تَقْدِيرِهِ أُخِذَ الْوَسَطُ مِنْ جَمِيعِ الْأَوْزَانِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ قِيرَاطًا فَكَانَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا مِنْ قَرَارِيطِ الْمِثْقَالِ وَقِيلَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى الدَّرَاهِمَ مُخْتَلِفَةً مِنْهَا الْبَغْلِيُّ ثَمَانِيَةُ دَوَانِيقَ وَالطَّبَرِيُّ أربعة المعربى ثَلَاثَةُ دَوَانِيقَ وَالْيَمَنِيُّ دَانِقٌ وَاحِدٌ فَقَالَ اُنْظُرُوا أَغْلَبَ مَا يَتَعَامَلُ النَّاسُ بِهِ مِنْ أَعْلَاهَا وَأَدْنَاهَا فَكَانَ الْبَغْلِيُّ وَالطَّبَرِيُّ فَجَمَعَهُمَا فَكَانَا اثْنَيْ عَشَرَ دَانِقًا فَأَخَذَ نِصْفَهُمَا فَكَانَ سِتَّةَ دَوَانِيقَ فجعله درهم الْإِسْلَامِ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الْإِسْلَامِ فَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الْإِسْلَامِ عَبْدُ الملك بن مروان قال أبو الزياد أَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِضَرْبِهَا فِي الْعِرَاقِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ بَلْ ضَرَبَهَا فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِهَا فِي النَّوَاحِي سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ قَالَ وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَمْرِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ سَبْعِينَ عَلَى ضَرْبِ الْأَكَاسِرَةِ ثُمَّ غَيَّرَهَا الْحَجَّاجُ: هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُوقِيَّةُ وَالدَّرَاهِمُ مَجْهُولَةً فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي أَعْدَادٍ مِنْهَا وَتَقَعُ بِهَا الْبِيَاعَاتُ وَالْأَنْكِحَةُ كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.

قَالَ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً إلَى زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَنَّهُ جَمَعَهَا بِرَأْيِ الْعُلَمَاءِ وَجَعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةُ دَوَانِيقَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَإِنَّمَا مَعْنَى مَا نُقِلَ من ذلك أنه لم يكن منها شئ مِنْ ضَرْب الْإِسْلَامِ وَعَلَى صِفَةٍ لَا تَخْتَلِفُ بَلْ كَانَتْ مَجْمُوعَاتٍ مِنْ ضَرْبِ فَارِسٍ وَالرُّومِ وَصِغَارًا وَكِبَارًا وَقِطَعَ فِضَّةٍ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ وَلَا منقوشة ويمنية ومغربية فرأو اصرفها إلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَنَقْشِهِ وَتَصْيِيرَهَا وَزْنًا وَاحِدًا لَا يَخْتَلِفُ وَأَحْيَانًا يُسْتَغْنَى فِيهَا عَنْ الْمَوَازِينِ فَجَمَعُوا أَكْبَرَهَا وَأَصْغَرَهَا وَضَرَبُوهُ عَلَى وَزْنِهِمْ قَالَ الْقَاضِي وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ حِينَئِذٍ مَعْلُومَةً وَإِلَّا فَكَيْفَ كَانَتْ تُعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ الله تعالي في الزكاة وغيرها وحقوق المعباد

وَهَذَا كَمَا كَانَتْ الْأُوقِيَّةُ مَعْلُومَةً أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّقْدِيرِ بِهَذَا الْوَزْنِ وَهُوَ أَنَّ الدِّرْهَمَ سِتَّةُ دَوَانِيقَ كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمِثْقَالُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا الْإِسْلَامِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْمُطْلَقَةَ فِي زَمَنِ رَسُولِ الله كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْوَزْنِ مَعْرُوفَةَ الْمِقْدَارِ وَهِيَ السَّابِقَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>