للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِطْرَةُ كَمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ وَلَهَا مَمْلُوكٌ يَخْدُمُهَا وَجَبَ عليه فطرته لانه يجب عليه نفقته فَإِنْ نَشَزَتْ الزَّوْجَةُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِطْرَتُهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا فِطْرَةُ مُسْلِمٍ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ كَافِرًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى حُرٍّ وَعَبْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْفِطْرَةِ تَطْهِيرُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ قَدْ طَهَّرَ نَفْسَهُ بِالْفِطْرَةِ والكافر لا يلحقة تطهير)

* (الشَّرْحُ) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْأَوَّلُ فِي الصَّحِيحَيْنِ إلَّا قَوْلَهُ (مِمَّنْ تَمُونُونَ) فَرَوَاهُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ الدارقطني وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ ابن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا فَالْحَاصِلُ أَنْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ (مِمَّنْ تَمُونُونَ) لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ وَأَمَّا بَاقِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ كما سبق

* وأما حكم الْفَصْلِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا الْفِطْرَةُ قَدْ يَجِبُ أَدَاؤُهَا عَلَى الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ تَجِبُ عَنْ غَيْرِهِ وَجِهَاتُ التَّحَمُّلِ عَنْ غَيْرِهِ ثَلَاثٌ الْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ وَالْقَرَابَةُ وَكُلُّهَا تَقْتَضِي وُجُوبَ الْفِطْرَةِ فِي الْجُمْلَةِ فَمَنْ لَزِمَهُ نَفَقَةٌ بِسَبَبٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ فِطْرَةُ الْمُنْفِقِ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أُمُورٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ صُوَرٌ مِنْهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمِنْهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ سَتَظْهَرُ بِالتَّفْرِيعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

* وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ بَلْ عَلَيْهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا وَسَتَأْتِي مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَرْعٍ مُسْتَقِلٍّ وَمِنْ الْمُسْتَثْنَى أَنَّ الِابْنَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَذْهَبِ فِي وُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَهَلْ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِ الْبَيَانِ وَطَائِفَةٍ وُجُوبُهَا (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْبَغَوِيِّ

وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ وَآخَرِينَ وَالرَّافِعِيِّ فِي الْمُحَرَّرِ لَا تَجِبُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ قَالُوا وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي فِطْرَةِ مُسْتَوْلَدَةِ الْأَبِ وَأَمَّا زَوْجَةُ الِابْنِ الْمُعْسِرِ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَلَا فِطْرَتُهَا عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إعْفَافُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ وَأَمَّا الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ وَسَائِرُ الْأَقَارِبِ غَيْرُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتِهِمْ وَلَا فِطْرَتُهُمْ (وَأَمَّا) الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ فَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمْ بِشُرُوطِهَا الْمَعْرُوفَةِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُمْ وَمَنْ لَا فَلَا فَلَوْ كَانَ الِابْنُ الْكَبِيرُ فِي نَفَقَةِ أَبِيهِ فَوَجَدَ قُوتَهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ فَقَطْ لَمْ تَجِبْ فِطْرَتُهُ عَلَى الْأَبِ لِسُقُوطِ نَفَقَتِهِ عَنْهُ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ وَلَا عَلَى الِابْنِ لِإِعْسَارِهِ وَإِنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَفِي سُقُوطِ الْفِطْرَةِ عَلَى الْأَبِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ لَا تَجِبُ كَالِابْنِ الْكَبِيرِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ (وَالثَّانِي) تَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>