قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ إذَا عَرَفْتَ هَذَا حَصَلَ الِاسْتِدْلَال عَلَى جَوَازِ التَّعْجِيلِ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْحِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَحْتَجُّ بِالْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ إذَا اعْتَضَدَ باحد أربعة أمور وَهِيَ أَنْ يُسْنَدَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَوْ يُرْسِلَ أَوْ يَقُولَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَوْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِهِ فَمَتَى وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ
جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَقَدْ وُجِدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ فَإِنَّهُ رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَرُوِيَ هُوَ أَيْضًا مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا كَمَا سَبَقَ وَقَالَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ بِهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَمَا نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ فَحَصَلَتْ الدَّلَائِلُ الْمُتَظَاهِرَةُ عَلَى صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* أَمَّا أَحْكَامُ الْفَصْلِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ والأصحاب رحمهم اللَّهُ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ ضَرْبَانِ
(أَحَدُهُمَا)
مُتَعَلِّقٌ بِالْحَوْلِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ النَّوْعَ الْأَوَّلَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَالثَّانِي فِي آخِرِهِ (أَمَّا) الْأَوَّلُ كَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَالنَّقْدِ وَالتِّجَارَةِ فَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ فِيهِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيَجُوزُ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ وَانْعِقَادِ الْحَوْلِ وَلَهُ التَّعْجِيلُ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ وَلَوْ بَعْدَ لَحْظَةٍ مِنْ انْعِقَادِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ مُطْلَقًا وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهًا عَنْ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ حَرْبَوَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهَذَا شَاذٌّ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ وَالدَّلِيلُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بَعْدَ تَمَامِ النِّصَابِ إنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ عَيْنِيَّةً فَأَمَّا إذَا اشْتَرَى عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ بِمِائَةٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَيُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عَنْ الزَّكَاةِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْعُرُوضِ بِآخِرِ الْحَوْلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً مَعْلُوفَةً فَعَجَّلَ شَاةً وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى إسَامَتِهَا حَوْلًا ثُمَّ أَسَامَهَا لَمْ يَقَعْ المعجل زكاة بلا خلاف لان المعلوفة لَيْسَتْ مَالَ زَكَاةٍ فَهُوَ كَمَا دُونَ النِّصَابِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ وَلَا حَوْلَ لِلْمَعْلُوفَةِ بِخِلَافِ عَرَضِ التِّجَارَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَلَوْ عَجَّلَ صَدَقَةَ عَامَيْنِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَامَيْنِ فَوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا المصنف بدليلهما وَهُمَا مَشْهُورَانِ
يَجُوزُ لِلْحَدِيثِ (وَالثَّانِي) لَا يَجُوزُ وَأَجَابَ الْبَغَوِيّ وَالْأَصْحَابُ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَسَلُّفُ دَفْعَتَيْنِ فِي كُلِّ دَفْعَةٍ صَدَقَةُ عَامٍ أَوْ سَنَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَصَحِّ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَصَحَّحَتْ طَائِفَةٌ الْجَوَازَ وَهُوَ قَوْلُ أبى اسحق الْمَرْوَزِيِّ وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ والجرجاني والشاشى والعبد رى وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ الْمَنْعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute