وَبِالْمَدِّ - وَهُوَ مَا امْتَدَّ مَعَ جَوَانِبِ الدَّارِ وقَوْله تَعَالَى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) أَيْ تُطَهِّرُهُمْ بِهَا مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي قَرَأَ بِهَا الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ (تُطَهِّرُهُمْ) بِرَفْعِ الرَّاءِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لَا جَوَابٌ وَقُرِئَ فِي غَيْرِ السَّبْعِ بِالْجَزْمِ عَلَى الْجَوَابِ وقَوْله تَعَالَى (وَتُزَكِّيهِمْ) قِيلَ تُصْلِحُهُمْ وَقِيلَ تَرْفَعُهُمْ مِنْ مَنَازِلِ الْمُنَافِقِينَ إلَى مَنَازِلِ الْمُخْلِصِينَ وَقِيلَ تُنَمِّي أَمْوَالَهُمْ (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) أَيْ اُدْعُ لَهُمْ وَقُرِئَ فِي السَّبْعِ (إنَّ صَلَوَاتِكَ سَكَنٌ لَهُمْ) وَإِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ أَيْ رَحْمَةٌ (وَقِيلَ) طُمَأْنِينَةٌ (وَقِيلَ) وَقَارٌ (وَقِيلَ) تَثْبِيتٌ وَاسْمُ أَبِي أَوْفَى عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ كُنْيَةُ ابْنِهِ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَأَبُو أَوْفَى وَابْنُهُ صَحَابِيَّانِ جَلِيلَانِ مَشْهُورَانِ وَشَهِدَ ابْنُهُ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ وَهُوَ آخِرُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِالْكُوفَةِ وَفِي سَنَةِ سِتٍّ وَقِيلَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ من الهجرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَقَوْلُهُ) آجَرَكَ اللَّهُ: فِيهِ لُغَتَانِ قَصْرُ الْهَمْزَةِ وَمَدُّهَا وَالْقَصْرُ أَجْوَدُ وَطَهُورًا - بِفَتْحِ الطَّاءِ - أَيْ مُطَهَّرًا (وَقَوْلُهُ) آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَجَعَلَهُ لَكَ طَهُورًا وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّنْبِيهِ فَإِنَّهُ وَسَطُ قَوْلِهِ وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ وَتَأْخِيرُهُ
أَوْلَى لِتَكُونَ الدَّعْوَتَانِ الْأُولَتَانِ اللَّتَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ الْمُتَعَلِّقَتَانِ بِالْمَدْفُوعِ مُتَّصِلَتَيْنِ وَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَفِيهِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) قَالَ أَصْحَابُنَا الْأَمْوَالُ ضَرْبَانِ (ضَرْبٌ) لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ وَهُوَ الْمُعَشَّرَاتُ فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ السَّاعِي لَأَخْذِ زَكَوَاتِهَا وَقْتَ وُجُوبِهَا وَهُوَ إدْرَاكُهَا بِحَيْثُ يصلهم وقت الجذاذ وَالْحَصَادِ (وَضَرْبٌ) يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ وَهُوَ الْمَوَاشِي وَغَيْرُهَا فَالْحَوْلُ يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ النَّاسِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأَصْحَابُ يَنْبَغِي لِلسَّاعِي أَنْ يُعَيِّنَ شَهْرًا يَأْتِيهِمْ فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّهْرُ هُوَ الْمُحَرَّمُ صَيْفًا كَانَ أَوْ شِتَاءً لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ إلَيْهِمْ قَبْلَ الْمُحَرَّمِ لِيَصِلَهُمْ فِي أَوَّلِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَعْيِينِ الشَّهْرِ مُسْتَحَبٌّ وَمَتَى خَرَجَ جَازَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ (الثَّانِيَةُ) يُسْتَحَبُّ لِلسَّاعِي عَدُّ الْمَاشِيَةِ عَلَى الْمَاءِ إنْ كَانَتْ تَرِدُهُ وَإِلَّا فَعِنْدَ أَفْنِيَتِهِمْ وَلَا يُكَلِّفُهُمْ رَدَّهَا مِنْ الْمَاءِ إلَى الْأَفْنِيَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتْبَعَهَا فِي الْمَرَاعِي فَإِنْ كَانَ لرب المال ماشيتان عند مائين أُمِرَ بِجَمْعِهِمَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تَرِدُ مَاءً لَكِنَّهَا تَكْتَفِي بِالْكَلَأِ فِي الرَّبِيعِ وَلَا تَحْضُرُ الْأَفْنِيَةَ فَلِلسَّاعِي أَنْ يُكَلِّفَهُمْ إحْضَارَهَا إلَى الْأَفْنِيَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ خَرَجَ إلَيْهَا كَانَ أَفْضَلَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِذَا أَخْبَرَهُ صَاحِبُهَا بِعَدَدِهَا وَهُوَ ثِقَةٌ فَلَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيَعْمَلَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَوْ لَمْ يَخْتَبِرْهُ أَوْ اخْتَبَرَهُ وَصَدَّقَهُ وَأَرَادَ الِاحْتِيَاطَ بَعْدَهَا عَدَّهَا وَالْأَوْلَى أَنْ تُجْمَعَ فِي حَظِيرَةٍ وَنَحْوِهَا وَيُنْصَبَ عَلَى الْبَابِ خَشَبَةً مُعْتَرِضَةً وَتُسَاقَ لتخرج وَاحِدَةً وَيُثَبِّتُ كُلَّ شَاةٍ إذَا بَلَغْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute