أبا اسحق الشِّيرَازِيَّ يَقُولُ فِي اخْتِيَارِهِ وَرَأْيِهِ إنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وُجُوبُ اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ وَرَدَّ أَصْحَابُنَا مَذْهَبَ الْإِصْطَخْرِيِّ وَقَوْلُهُ إنَّهَا قَلِيلَةٌ بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ جَمْعُهَا مَعَ زَكَاةِ غَيْرِهِ فَتَكْثُرُ قَالُوا وَيُنْتَقَضُ قَوْلُهُ أَيْضًا بِمَنْ لَزِمَهُ جُزْءٌ مِنْ حَيَوَانٍ بِأَنْ تَلِفَ مُعْظَمُ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ وَكَذَا لَوْ لَزِمَهُ نِصْفُ دِينَارٍ عَنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إلَى الْأَصْنَافِ وَوَافَقَ عَلَيْهِ الْإِصْطَخْرِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* هَذَا كُلُّهُ إذَا فَرَّقَ الزَّكَاةَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ وَكِيلُهُ فَأَمَّا إذَا فَرَّقَ الْإِمَامُ أَوْ السَّاعِي فَيَلْزَمُهُ صَرْفُ الْفِطْرَةِ وَزَكَاةُ الْأَمْوَالِ إلَى الْأَصْنَافِ الْمَوْجُودِينَ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ صِنْفٍ مِنْهُمْ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ زَكَاةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ وَزَكَاةَ شَخْصَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتْرُكَ صنفا ولا يرجح صِنْفًا عَلَى صِنْفٍ وَسَنُوَضِّحُهُ فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
*
* قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
* (فَإِنْ كَانَ الَّذِي يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ هُوَ الْإِمَامُ قَسَّمَهَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ (سَهْمُ) لِلْعَامِلِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَبْتَدِئُ بِهِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ على وجه العوض وغيره يأخذه على قدر الْمُوَاسَاةِ فَإِذَا كَانَ السَّهْمُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِ رَدَّ الْفَضْلَ عَلَى الْأَصْنَافِ وَقَسَّمَهُ عَلَى سِهَامِهِمْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَتِهِ تَمَّمَ وَمِنْ أَيْنَ يُتَمِّمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ يُتَمِّمُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَلَوْ قِيلَ يُتَمِّمُ مِنْ حَقِّ سَائِرِ الْأَصْنَافِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ فِيهِ قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) يُتَمِّمُ مِنْ حَقِّ سَائِرِ الْأَصْنَافِ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لَهُمْ فَكَانَتْ أُجْرَتُهُ عَلَيْهِمْ
(وَالثَّانِي)
يُتَمِّمُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِكُلِّ صِنْفٍ سَهْمًا فَلَوْ قسمنا ذلك علي الْأَصْنَافَ وَنَقَصْنَا حَقَّهُمْ فَضَّلْنَا الْعَامِلَ عَلَيْهِمْ وَمَنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَمَّمَهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَإِنْ شَاءَ مِنْ سهامهم لانه يشبه الحاكم لانه يستوفى به حَقَّ الْغَيْرِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ
وَيُشْبِهُ الْأَجِيرَ فَخُيِّرَ بَيْنَ حَقَّيْهِمَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ كان بَدَأَ بِنَصِيبِهِ فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ تَمَّمَ مِنْ سِهَامِهِمْ وَإِنْ كَانَ بَدَأَ بِسِهَامِ الْأَصْنَافِ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ وجد سهم الْعَامِلَ يَنْقُصُ تَمَّمَهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُ مَا دَفَعَ إلَيْهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ فَضَلَ عَنْ قَدْرِ حَاجَةِ الاصناف شىء تَمَّمَ مِنْ الْفَضْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُمْ شئ تَمَّمَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ وَيُعْطِي الْحَاشِرَ وَالْعَرِيفَ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْعُمَّالِ وَفِي أُجْرَةِ الْكَيَّالِ وجهان (قال) أبو على ابن أَبِي هُرَيْرَةَ هِيَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute