(صنف) لهم شرف في قومهم يطلب يتألفهم إسْلَامُ نُظَرَائِهِمْ (وَصِنْفٌ) أَسْلَمُوا وَنِيَّتُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ ضَعِيفَةٌ فَيَتَأَلَّفُونَ لِتَقْوَى نِيَّتِهِمْ وَيَثْبُتُوا وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي هَذَيْنِ وَهَلْ يُعْطَوْنَ بَعْدَهُ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَهُمَا (فَإِنْ قُلْنَا) يُعْطَوْنَ فَمِنْ أَيْنَ يُعْطُونَ ذَكَرَ فِيهِ قَوْلَيْنِ فَحَاصِلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَصَحُّهَا) عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ لِلْآيَةِ
(وَالثَّانِي)
يُعْطَوْنَ مِنْ الْمَصَالِحِ (وَالثَّالِثُ) لَا يُعْطَوْنَ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْجُرْجَانِيُّ وَقَطَعَ بِهِ سُلَيْمُ الرَّازِيّ فِي الْكِفَايَةِ (وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ) قَوْمٌ يَلِيهِمْ قَوْمٌ مِنْ الْكُفَّارِ إنْ أُعْطُوا قَاتَلُوهُمْ وَيُرَادُ بِإِعْطَائِهِمْ تَأَلُّفُهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ (وَالرَّابِعُ) قَوْمٌ يَلِيهِمْ قَوْمٌ عَلَيْهِمْ زَكَوَاتٌ وَيَمْنَعُونَهَا فَإِنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ قَاتَلُوهُمْ وَقَهَرُوهُمْ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُمْ وَحَمَلُوهَا إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُمْ الزَّكَوَاتِ وَاحْتَاجَ الْإِمَامُ إلَى مُؤْنَةٍ ثَقِيلَةٍ لِتَجْهِيزِ مَنْ يَأْخُذُهَا وَهَذَانِ الصِّنْفَانِ يُعْطِيَانِ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ مِنْ أَيْنَ يُعْطَوْنَ فِيهِ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِدَلَائِلِهَا وَجَعَلَ الْغَزَالِيُّ وَطَائِفَةٌ هَذِهِ الْأَقْوَالَ أَوْجُهًا وَالصَّوَابُ أَنَّهَا أَقْوَالٌ (أَحَدُهَا) مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ (وَالثَّانِي) مِنْ الْمَصَالِحِ (وَالثَّالِثُ) مِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ (وَالرَّابِعُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ وَسَهْمِ الْغُزَاةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الْقَوْلِ الرَّابِعِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ (أحدها) أن هذا تفريع عَلَى أَنَّ مَنْ جَمَعَ سَبَبَيْنِ مِنْ أَسْبَابِ الزَّكَاةِ يُعْطَى بِهِمَا (فَأَمَّا) إنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ لَا يُعْطَى إلَّا بِأَحَدِهِمَا فَلَا يُعْطَى هَؤُلَاءِ إلَّا مِنْ أَحَدِ السَّهْمَيْنِ
أَنَّهُمْ
يُعْطَوْنَ مِنْ السَّهْمَيْنِ جَمِيعًا سَوَاءٌ أَعْطَيْنَا غَيْرَهُمْ بسببين أم لا للمصلحة فِي هَؤُلَاءِ (وَالثَّالِثُ) إنْ كَانَ التَّأَلُّفُ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ فَمِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ الزَّكَوَاتِ وَقِتَالِ مَانِعِيهَا فَمِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ (وَالرَّابِعُ) يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ مِنْ ذَا السهم وإن شاء اعطاهم من ذلك وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا أَنَّ الْمُؤَلَّفَ لِقِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَجَمْعِهَا يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ قَالَ الرَّافِعِيُّ أَرْسَلَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هَذَا الْخِلَافَ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْأَصَحِّ مِنْهُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَطَائِفَةٌ الْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الصِّنْفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ لَا يُعْطَى الصِّنْفَانِ الْآخَرَانِ مِنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ أَحَقُّ بِاسْمِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنْ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّ فِي الْآخَرَيْنِ مَعْنَى الْغُزَاةِ وَالْعَامِلِينَ وَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ مِنْ الزَّكَاةِ وَقَدْ صَارَ إلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ ثُمَّ لِسِيَاقِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ إثْبَاتُ سَهْمِ المؤلفة وانه يستحقه الصنفان الاولان وانه يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى الْآخَرَيْنِ أَيْضًا وَبِهِ أَفْتَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَهَذَا الَّذِي صَحَّحَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute