وفى الرقاب) كقوله تبارك وتعالي (وفى سبيل الله) وهناك يجب الدفع الي المجاهدين فكذا هنا يجب الدَّفْعُ إلَى الرِّقَابِ وَلَا يَكُونُ دَفْعًا إلَيْهِمْ إلَّا عَلَى مَذْهَبِنَا (وَأَمَّا) مَنْ قَالَ يُشْتَرَى به عبيد فليس بدفع إليهم وإنما هو دفع الي ساداتهم وَلِأَنَّ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ يُسَلَّمُ السَّهْمُ إلَى الْمُسْتَحَقِّ وَيُمَلِّكُهُ إيَّاهُ فَيَنْبَغِي هُنَا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَخُصَّهُمْ بِقَيْدٍ يُخَالِفُ غَيْرَهُمْ وَلِأَنَّ مَا قَالُوهُ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ هَذَا السَّهْمِ فِي حَقِّ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ لِهَذَا السَّهْمِ مَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً يُعْتِقُهَا وَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضَهَا قُوِّمَ عَلَيْهِ الْبَاقِي وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ إلَى الْإِمَامِ بِالْإِجْمَاعِ فَيُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِهِ (وَأَمَّا) عَلَى مَذْهَبِنَا فَيُمْكِنُهُ صَرْفُهُ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَ دِرْهَمًا (فَإِنْ قِيلَ) الرِّقَابُ جَمْعُ رَقَبَةٍ وَكُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَتْ فِيهِ الرَّقَبَةُ فَالْمُرَادُ عِتْقُهَا (فَالْجَوَابُ) مَا أَجَابَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ الرَّقَبَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْعَبْدِ
الْقِنِّ وَعَلَى الْمُكَاتَبِ جَمِيعًا وَإِنَّمَا خصصناها في الكفارة بالعبد اقن بِقَرِينَةٍ وَهِيَ أَنَّ التَّحْرِيرَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْقِنِّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَتَحْرِيرُ رقبة) وَلَمْ تُوجَدُ هَذِهِ الْقَرِينَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُكَاتِبِينَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا (فَإِنْ قِيلَ) لَوْ أَرَادَ الْمُكَاتَبِينَ لَذَكَرَهُمْ بِاسْمِهِمْ الْخَاصِّ (فَالْجَوَابُ) أَنَّ هَذَا مُنْتَقَضٌ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَفِي سبيل الله) فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُمْ الْمُتَطَوِّعُونَ الَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الدِّيوَانِ وَلَمْ يُذْكَرُوا بِاسْمِهِمْ الْخَاصِّ (فَإِنْ قِيلَ) لَوْ أَرَادَ الْمُكَاتَبِينَ لَاكْتَفَى بِالْغَارِمِينَ فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ (فَالْجَوَابُ) أَنَّهُ لَا يُفْهَمُ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ مِنْ الْآخَرِ وَلِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَأَنَّ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمَا سَهْمًا مُسْتَقِلًّا كَمَا جَمَعَ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ الْآخَرِ فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّمَا يُعْطَى الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً صَحِيحَةً (أَمَّا) الْفَاسِدَةُ فَلَا يُعْطَى بِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ فَإِنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ الدَّارِمِيُّ وابن كج والرافعي (الثالثة) إذَا حَلَّ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَجْمٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَفَاءٌ دُفِعَ إلَيْهِ وَفَاءً بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ لَمْ يُعْطَ لِاسْتِغْنَائِهِ عنه وان لم يكن معه شئ وَلَا حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ فَفِي إعْطَائِهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا وَقَلَّ مَنْ بَيَّنَ الْأَصَحَّ مِنْهُمَا مَعَ شُهْرَتِهِمَا (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ يُعْطَى صَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا (الرَّابِعَةُ) إذا دفعت إليه الزكاة ثم اعتقه السيد أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ عَجَّزَ نَفْسُهُ قَبْلَ دَفْعِ الْمَالِ إلَى السَّيِّدِ وَالْمَالُ بَاقٍ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ رَجَعَ الدَّافِعُ فِيهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْعِتْقُ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ الْإِبْرَاءِ قَوْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْكِيهِمَا وَجْهَيْنِ (أَصَحُّهُمَا) يَرْجِعُ (وَالثَّانِي) لَا يَرْجِعُ بَلْ يَبْقَى مِلْكًا لِلْمُكَاتَبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ أَرَ أَنَا فِي كِتَابِ الْمُتَوَلِّي تَرْجِيحًا لَهُ بَلْ ذَكَرَ وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute