الْبَيْنِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُ عَامَّةٌ فَعَلَى هَذَا لَوْ وَجَدَ مَا يَقْضِي بِهِ بَعْضَ الدَّيْنِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُعْطَى مَا يَقْضِي بِهِ الْبَاقِيَ فَقَطْ فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا وَقَدَرَ عَلَى قَضَائِهِ بالا كتساب فَوَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا يُعْطَى كَالْفَقِيرِ (وَالصَّحِيحُ) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُعْطَى لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ قَضَاؤُهُ إلَّا بَعْدَ زَمَانٍ وَقَدْ يَعْرِضُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ حَاجَتَهُ بِالْكَسْبِ فِي الْحَالِ وَمَا مَعْنَى الْحَاجَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ تَقْتَضِي كَوْنَهُ فَقِيرًا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَرُبَّمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمِفْتَاحِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْمَسْكَنُ وَالْمَلْبَسُ وَالْفِرَاشُ وَالْآنِيَةُ وَكَذَا الْخَادِمُ وَالْمَرْكُوبُ إنْ اقْتَضَاهُمَا حَالُهُ بَلْ يَقْضِي دَيْنَهُ وان ملكها قال وقال بعض المتأخرين ولا يُعْتَبَرُ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ هُنَا بَلْ لَوْ مَلَكَ قدر كفايته وَكَانَ لَوْ قَضَى دَيْنَهُ مِمَّا مَعَهُ لَنَقَصَ مَالُهُ عَنْ كِفَايَتِهِ تُرِكَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَأُعْطِيَ مَا يَقْضِي بِهِ الْبَاقِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا أَقْرَبُ (الشَّرْطُ الثَّانِي) أَنَّهُ يَكُونُ دَيْنُهُ لِطَاعَةٍ أَوْ مُبَاحٍ فَإِنْ كَانَ فِي مَعْصِيَةٍ كَالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَكَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ لَمْ يُعْطَ قَبْلَ التَّوْبَةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ وَالرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يُعْطَى لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لان فِي إعْطَائِهِ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْأَخْذِ بِالتَّوْبَةِ فَإِنْ تَابَ فَهَلْ يُعْطَى فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ صَاحِبَيْ الشَّامِلِ وَالتَّهْذِيبِ لَا يُعْطَى وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ فِي إعْطَائِهِ إعَانَةً لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ يُعْطَى وَهُوَ قَوْلُ أبي اسحق الْمَرْوَزِيِّ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي الْإِفْصَاحِ وَالْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ وَصَحَّحَهُ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقَنَّعِ وَأَبُو خَلَفٍ السُّلَمِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ لِقَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى (والغارمين) وَلِأَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْأَصْحَابُ هُنَا لِاسْتِبْرَاءِ حَالِهِ وَمُضِيِّ مُدَّةٍ بَعْدَ تَوْبَتِهِ يَظْهَرُ فِيهَا صَلَاحُ الْحَالِ إلَّا أَنَّ الرُّويَانِيَّ قَالَ يُعْطَى عَلَى أَصَحِّ الوجهين إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فِي تَوْبَتِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ والظاهر ماقاله الرُّويَانِيُّ إنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فِي تَوْبَتِهِ أُعْطِيَ وَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* (الشَّرْطُ الثَّالِثُ) أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَفِي
إعْطَائِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (أَصَحُّهَا) لَا يُعْطَى وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ الْآنَ (وَالثَّانِي) يُعْطَى لِأَنَّهُ يُسَمَّى غَارِمًا (وَالثَّالِثُ) حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَجَلُ يَحِلُّ تِلْكَ السَّنَةِ أُعْطِيَ وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى مِنْ صَدَقَاتِ تِلْكَ السَّنَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْوَجْهَانِ هُنَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْمُكَاتَبِ إذَا لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهِ النَّجْمُ هَلْ يعطى قال وقد يرتب هَذَا الْخِلَافُ عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ ثُمَّ تَارَةً يُجْعَلُ الْغَارِمُ أَوْلَى بِأَنْ يُعْطَى لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ مُسْتَقِرٌّ بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute