الْحَجَّ يُسَمَّى سَبِيلَ اللَّهِ وَلَكِنَّ الْآيَةَ مَحْمُولَةٌ علي الغزو لما ذكرناه والله تعالي اعلم
* قَالَ الْمُصَنِّفُ
وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا الْغُزَاةُ الْمُرَتَّبُونَ فِي دِيوَانِ السُّلْطَانِ وَلَهُمْ فِيهِ حَقٌّ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ بِسَبَبِ الْغَزْوِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ وَصْفٌ آخَرُ يَسْتَحِقُّونَ بِهِ أُعْطُوا بِهِ بِأَنْ يَكُونَ غَارِمًا أَوْ ابْنَ سَبِيلٍ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ أَرَادَ رَجُلٌ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ الْمُرَتَّبِينَ فِي الدِّيوَانِ أَنْ يَصِيرَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَوَاتِ الْمُتَطَوِّعِينَ بِالْغَزْوِ وَيَتْرُكَ سَهْمَهُ مِنْ الدِّيوَانِ جُعِلَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ أَنْ يَصِيرَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ جُعِلَ مِنْهُمْ فَيُعْطَى من الفئ وَلَا يُعْطَى مِنْ الصَّدَقَاتِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا حق لاهل الصدقات في الفئ ولا لاهل الفئ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَى مَنْ يَكْفِيهِمْ شَرَّ الْكُفَّارِ وَلَا مَالَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ إعْطَاءُ الْمُرْتَزِقَةِ مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ قَوْلَانِ مشهوران في طريقة خراسان (أصهحما) لا يعطون كما لا يصرف الفئ إلَى أَهْلِ الصَّدَقَاتِ
(وَالثَّانِي)
يُعْطَوْنَ لِأَنَّهُمْ غُزَاةٌ قَالَ أَصْحَابُنَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ إعَانَتُهُمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَيُعْطَى الْغَازِي مَعَ الْفَقْرِ وَالْغِنَى لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُعْطَى مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْغَزْوِ فَيُعْطَى نَفَقَتَهُ وَكِسْوَتَهُ مُدَّةَ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ وَالْمَقَامِ فِي الثَّغْرِ وَإِنْ طَالَ وَهَلْ يُعْطَى جَمِيعَ الْمُؤْنَةِ أَمْ مَا زَادَ بِسَبَبِ السَّفَرِ فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) الْجَمِيعُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَيَجْرِيَانِ فِي ابْنِ السَّبِيلِ وَيُعْطَى مَا يَشْتَرِي بِهِ الْفَرَسَ إنْ كَانَ يُقَاتِلُ فَارِسًا وَمَا يَشْتَرِي بِهِ السِّلَاحَ وَآلَاتِ الْقِتَالِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لِلْغَازِي وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ لَهُ الْفَرَسُ وَالسِّلَاحُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَقِلَّتِهِ فَإِنْ كَانَ يُقَاتِلُ رَاجِلًا لَمْ يُعْطَ لِلْفَرَسِ شَيْئًا وَيُعْطَى مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ الزَّادَ وَيَرْكَبُهُ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ ضَعِيفًا أَوْ كَانَ السَّفَرُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسَلِّمُ الْإِمَامُ إلَى الْغَازِي ثَمَنَ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ وَالْآلَاتِ ثُمَّ الْغَازِي يَشْتَرِيهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْأَصْحَابُ فَلَوْ اسْتَأْذَنَهُ الْإِمَامُ فِي شِرَاهَا لَهُ بِمَالِ الزَّكَاةِ فَأَذِنَ جَازَ فَلَوْ أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ بِمَالِ الزَّكَاةِ وَيُسَلِّمَهُ إلَى الْغَازِي بِغَيْرِ إذْنِهِ هَلْ يَجُوزُ فِيهِ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) لَا يَجُوزُ بَلْ يَتَعَيَّنُ تَسْلِيمُ مَالِ الزَّكَاةِ إلَى الْغَازِي أَوْ إذْنِهِ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ آخَرِينَ مِنْهُمْ (وَأَصَحُّهُمَا) يَجُوزُ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَتَابَعَهُمْ الرَّافِعِيُّ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ قَالَ الْخُرَاسَانِيُّونَ الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ وَالْآلَاتِ إلَى الْغَازِي أَوْ ثَمَنَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا لَهُ فَيَمْلِكُهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَأْجَرَ ذَلِكَ لَهُ
وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَى مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَفْرَاسًا وَآلَاتِ الْحَرْبِ وَجَعَلَهَا وَقْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُعْطِيهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ ثُمَّ يَرُدُّونَهُ إذَا انْقَضَتْ حَاجَتُهُمْ وَتَخْتَلِفُ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ بِحَسْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute