للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشَّرْحُ) هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَفْظُهُ " أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ " وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ باسنادهما عن سلمان ابن عَامِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ " وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالشُّجْنَةُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَضَمِّهَا وَفَتْحِهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّ قَرَابَةَ الْإِنْسَانِ لِقَرِيبِهِ سَبَبٌ وَاصِلٌ بَيْنَهُمَا وَعَنْ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ جَمَعْتُ مُعْظَمَهَا فِي رِيَاضِ الصَّالِحِينَ (أَمَّا) أَحْكَامُ الْفَصْلِ فَقَوْلُهُ إنْ كَانَ الَّذِي يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ رَبُّ الْمَالِ سَقَطَ سَهْمُ الْعَامِلِ هُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَبَقَ مِثْلُهُ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي الْأَصْنَافِ أَقَارِبُ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَخُصَّ الْأَقْرَبَ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحَادِيثِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَفِي الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ صَرْفُهَا إلَى الْأَقَارِبِ إذا كانو بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْأَجَانِبِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَبْدَأَ بِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَيُقَدِّمُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَأَلْحَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ بِهَؤُلَاءِ لِحَدِيثِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال " زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ عَلَيْهِ " رَوَاهُ ومسلم ثُمَّ بِذِي الرَّحِمِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ كَأَوْلَادِ الْعَمِّ وَأَوْلَادِ الْخَالِ ثُمَّ الْمُحَرَّمِ بِالرَّضَاعِ ثُمَّ بِالْمُصَاهَرَةِ ثم المولى من أعلي وأسفل ثم الجارفان كَانَ الْقَرِيبُ بَعِيدَ الدَّارِ فِي الْبَلَدِ قُدِّمَ عَلَى الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ كَانَ الْأَقَارِبُ خَارِجِينَ عَنْ الْبَلَدِ فَإِنْ مَنَعْنَا نَقْلَ الزَّكَاةِ قُدِّمَ الْأَجْنَبِيُّ وَإِلَّا فَالْقَرِيبُ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَحَيْثُ كَانَ الْقَرِيبُ وَالْجَارُ الْأَجْنَبِيُّ بِحَيْثُ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمَا قُدِّمَ الْقَرِيبُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

*

* قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالي

* (ويجب صرف الزكاة الي الاصناف في البلد الذى فيه المال لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث معاذا إلى اليمن فقال صلي الله عليه وسلم " أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وترد علي فقرائهم " فان نقل إلى الاصناف في بلد آخر ففيه قولان

(أحدهما)

يجزئه لانهم من أهل الصدقات فاشبه أصناف البلد الذى فيه المال (والثاني) لا يجزئه لانه حق واجب لاصناف بلد فإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>