للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَحْمًا فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ فَأَطْعَمْتُهُ مِنْهُ فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَوْلَايَ فَضَرَبَنِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَدَعَاهُ فَقَالَ لِمَ ضَرَبْتَهُ فَقَالَ يُعْطِي طَعَامِي مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَهُ فَقَالَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " كُنْتُ مَمْلُوكًا فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوْلَايَ قَالَ نَعَمْ وَالْأَجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ " وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَرْضَى بِهِ سَيِّدُهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ سَيِّدَهُ يَرْضَى بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَمْ يَرْضَ لِكَوْنِهِ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ أَوْ لِمَعْنًى آخَرَ فَيُثَابُ السَّيِّدُ عَلَى إخْرَاجِ مَالِهِ وَيُثَابُ الْعَبْدُ عَلَى نِيَّتِهِ (وَاعْلَمْ) أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ كَوْنِ الْأَجْرِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَنَّهُ قِسْمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجْرٌ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَا سَوَاءٌ فَقَدْ يَكُونُ أَجْرُ صَاحِبِ الْعَطَاءِ أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ أَجْرُ الْمَرْأَةِ وَالْخَازِنِ وَالْمَمْلُوكِ أَكْثَرَ بِحَسَبِ قَدْرِ الطَّعَامِ وَقَدْرِ التَّعَبِ فِي إنْفَاذِ الصَّدَقَةِ وَإِيصَالِهَا إلَى الْمَسَاكِينِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

* {فَرْعٌ} ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ " الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى " وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ وَالْيَدُ السُّفْلَى السَّائِلَةُ " وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ " الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ " وَعَقَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ بَابًا

* {فَرْعٌ} يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْأَلَ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ الْجَنَّةِ وَيُكْرَهُ مَنْعُ مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ وَتَشَفَّعَ بِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تسأل بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا الْجَنَّةَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَنْ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ فَأَعِيذُوهُ

وَمَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوَا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كافئتموهم " حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ بِإِسْنَادِ الصَّحِيحَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ " فَأَثْنُوا عَلَيْهِ " بَدَلَ فَادْعُوَا لَهُ

* {فَرْعٌ} إذَا عُرِضَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ حَلَالٍ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ أَخْذُهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ وَلَا تَطَلُّعٌ إلَيْهِ جَازَ له اخذه بلا كراهية وَلَا يَجِبُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ يَجِبُ لِحَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ مِنِّي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْهُ وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غير سائل ولا مشرف فخذه ومالا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ قَالَ فَكَانَ سَالِمٌ لَا يسأل احدا شَيْئًا أُعْطِيَهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ دَلِيلُنَا حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَالَ يَا حَكِيمُ إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ له فيه ومن أَخَذَهُ بِإِشْرَافٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ من اليد السفلي قال

<<  <  ج: ص:  >  >>