للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصَّوْمُ أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ رَمَضَانَ أَوْ بَعْضَهُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَحَكَى الْأَصْحَابُ وَجْهًا عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الْإِغْمَاءَ الْمُسْتَغْرِقَ لِجَمِيعِ رَمَضَانَ

لَا قَضَاءَ فِيهِ كَالْجُنُونِ وَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ هَكَذَا نَقَلَ الْجُمْهُورُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَغْرَقَ الْإِغْمَاءُ رَمَضَانَ أَوْ يَوْمًا مِنْهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْحَاوِي قَوْلَ ابْنِ سُرَيْجٍ هَذَا فِي أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ بِمَا فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَكَرَّرُ فَيَشُقُّ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَرَضٍ أَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ شَرِبَهُ لِحَاجَةٍ أَوْ بِعُذْرٍ آخَرَ لَزِمَهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ الصَّوْمِ فِي زَمَنِ زَوَالِ عَقْلِهِ (وَأَمَّا) مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُحَرَّمِ كَخَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَيَكُونُ آثما بالترك والله أعلم * قال المصنف رحمه الله

* {فان أسلم الكافر أو افاق المجنون في أثناء يوم من رمضان استحب له امساك بقية النهار لحرمة الوقت ولا يلزمه ذلك لان المجنون افطر بعذر والكافر وان افطر بغير عذر الا أنه لما أسلم جعل كالمعذور فيما فعل في حال الكفر وَلِهَذَا لَا يُؤَاخَذُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَهُ وَلَا بضمان ما أتلفه ولهذا قال اللَّهِ تَعَالَى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قد سلف) ولا يأكل عند من لا يعرف عذره لانه إذا تظاهر بالاكل عرض نفسه للتهمة وعقوبة السلطان وهل يجب عليه قضاء ذلك فيه وجهان

(أحدهما)

يجب لانه ادرك جزءا من وقت الفرض ولا يمكن فعل ذلك الجزء من الصوم الا بيوم فوجب أن يقضيه بيوم كما نقول في المحرم إذا وجب عليه في كفارة نصف مد فانه يجب عليه بقسطه صوم نصف يوم ولكن لما لم يمكن فعل ذلك الا بيوم وجب عليه صوم يوم

(والثانى)

لا يجب وهو المنصوص في البويطى لانه لم يدرك من الوقت ما يمكن الصوم فيه لان الليل يدركه قبل التمام فلم يلزمه كمن أدرك من أول وقت الصلاة قدر ركعة ثم جن وان بلغ الصبى اثناء يوم من رمضان نظرت فان كان مفطرا فهو كالكافر إذا اسلم والمجنون إذا افاق في جميع ما ذكرناه وإن كان صائما ففيه وجهان (احدهما) يستحب اتمامه لانه صوم فاستحب اتمامه ويجب قضاؤه لانه لم ينو الفرض من أوله فوجب قضاؤه (والثاني) يلزمه اتمامه ويستحب قضاؤه لانه صار من اهل الوجوب في اثناء العبادة فلزمه اتمامه كما لو دَخَلَ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَذَرَ إتْمَامَهُ}

*

<<  <  ج: ص:  >  >>