وَسَبَقَ بَيَانُ هَذَا كُلِّهِ مَبْسُوطًا فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ (وَقَوْلُهُ) إسْقَاطُ فَرْضٍ لِلسَّفَرِ احْتِرَازٌ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لَا فَرْضٌ (وَقَوْلُهُ) لِلسَّفَرِ احْتِرَازٌ عَمَّنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فَصَلَّى قَاعِدًا (قَوْلُهُ) يُجْهِدُهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا وَسَبَقَ بَيَانُهُ قَرِيبًا (أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَفِيهِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) لَا يَجُوزُ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ بِلَا خِلَافٍ وَلَا فِي سَفَرٍ آخَرَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ سَبَقَ هَذَانِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ وَفِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ فَإِنْ كان سفره دون مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَيْسَ
مَعْصِيَةً فَلَهُ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ نَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: لَهُ الصَّوْمُ وَلَهُ الْفِطْرُ (وَأَمَّا) أَفْضَلُهُمَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: إنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ فالفطر افضل والا فالصوم افضل وذكر الخراسانيون قَوْلًا شَاذًّا ضَعِيفًا مُخَرَّجًا مِنْ الْقَصْرِ إنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْقَصْرِ تَحْصُلُ الرُّخْصَةُ مَعَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَهُنَا إذَا أَفْطَرَ تَبْقَى الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً وَلِأَنَّ فِي الْقَصْرِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلَيْسَ هُنَا خِلَافٌ يُعْتَدُّ بِهِ فِي إيجَابِ الْفِطْرِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ لَمْ يَتَضَرَّرْ فِي الْحَالِ بِالصَّوْمِ لَكِنْ يَخَافُ الضَّعْفَ مِنْهُ وَكَانَ سَفَرُ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ (الثَّانِيَةُ) إذَا أَفْطَرَ الْمُسَافِرُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَلَا فِدْيَةَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سفر فعدة من ايام اخر) مَعْنَاهُ وَأَرَادَ الْفِطْرَ فَلَهُ الْفِطْرُ وَعَلَيْهِ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (الثَّالِثَةُ) لَوْ أَصْبَحَ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ صَائِمًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ فِي نَهَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ جَمِيعُ الْأَصْحَابِ وفيه احتمال لمصنف وَلِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَجْهًا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَهُ وَفَرَّقَ صَاحِبُ الْحَاوِي بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ بِأَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ تَامَّةً الْتَزَمَ الْإِتْمَامَ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ لِئَلَّا يَذْهَبَ مَا الْتَزَمَهُ لَا إلَى بَدَلٍ وَأَمَّا الْمُسَافِرُ إذَا صَامَ ثُمَّ افطر فلا يترك الصوم الا إلَى بَدَلٍ وَهُوَ الْقَضَاءُ فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ دَوَامِ عُذْرِهِ وَإِذَا قُلْنَا بِالنَّصِّ وَقَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ لَهُ الْفِطْرَ فَفِي كَرَاهَتِهِ وَجْهَانِ (اصحهما) لا يلزمه لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ (الرَّابِعَةُ) إذَا سَافَرَ الْمُقِيمُ فَهَلْ لَهُ الْفِطْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ له اربعة احوال (أَنْ) يَبْدَأَ السَّفَرَ بِاللَّيْلِ وَيُفَارِقُ عُمْرَانَ الْبَلَدِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَهُ الْفِطْرُ بِلَا خِلَافٍ (الثَّانِي) أَنْ لَا يُفَارِقَ الْعُمْرَانَ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْمَعْرُوفُ مِنْ نُصُوصِهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَالَ الْمُزَنِيّ لَهُ الْفِطْرُ وَهُوَ مذهب احمد واسحق وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ حَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْ غَيْرِ الْمُزَنِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَيْضًا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ فَعَلَى هَذَا لَوْ جَامَعَ فِيهِ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ يوم من رمضان هو صائم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute