للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَرَوْا الْهِلَالَ أَوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فإن غم عليكم فأقدروا له " فقال أحمد ابن حَنْبَلٍ وَطَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مَعْنَاهُ ضَيِّقُوا لَهُ وَقَدِّرُوهُ تَحْتَ السَّحَابِ وَأَوْجَبَ هَؤُلَاءِ صِيَامَ لَيْلَةِ الْغَيْمِ وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ ابن سُرَيْجٍ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَآخَرُونَ مَعْنَاهُ قَدِّرُوهُ بِحِسَابِ الْمَنَازِلِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: مَعْنَاهُ قَدِّرُوا لَهُ تَمَامَ الْعَدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ قَدَرْتُ الشئ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَقْدِرُهُ وَأَقْدُرهُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَقَدَّرْتُهُ بِتَشْدِيدِهَا وَأَقْدَرْتُهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ مِنْ التَّقْدِيرِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى (فَقَدَرْنَا فنعم القادرون) وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِالرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ صريحة فاكملوا العدة ثَلَاثِينَ وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِرِوَايَةِ فَاقْدُرُوا لَهُ الْمُطْلَقَةِ قَالَ الْجُمْهُورُ: وَمَنْ قَالَ بِتَقْدِيرِ تَحْتَ السَّحَابِ فَهُوَ مُنَابِذٌ لِصَرِيحِ بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ وَمَنْ قَالَ بِحِسَابِ الْمَنَازِلِ فَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَحْسِبُ وَلَا نَكْتُبُ الشَّهْرُ هكذا وهكذ " الْحَدِيثَ قَالُوا وَلِأَنَّ النَّاسَ لَوْ كُلِّفُوا بِذَلِكَ ضَاقَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْحِسَابَ إلَّا أَفْرَادٌ مِنْ النَّاسِ فِي الْبُلْدَانِ الْكِبَارِ فَالصَّوَابُ ماقاله الْجُمْهُورُ وَمَا سِوَاهُ فَاسِدٌ مَرْدُودٌ بِصَرَائِحِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ " مَعْنَاهُ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ غَيْمٌ يُقَالُ غُمَّ وَغُمِّيَ وَغُمِيَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا وَالْغَيْنُ مَضْمُومَةٌ فِيهِمَا وَيُقَالُ غَبِيَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَقَدْ غَامَتْ السَّمَاءُ وَغَيَّمَتْ وَأَغَامَتْ وَتَغَيَّمَتْ وَأَغَمَّتْ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صوموا للرؤيته " الْمُرَادُ رُؤْيَةُ بَعْضِكُمْ وَهَلْ هُوَ عَدْلٌ أَمْ عَدْلَانِ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ وَلَا يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ إلَّا بِدُخُولِهِ وَيُعْلَمُ دُخُولُهُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَإِنْ غُمَّ وَجَبَ اسْتِكْمَالُ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ يَصُومُونَ سَوَاءٌ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أَوْ مُغَيِّمَةً غَيْمًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَدَلِيلُهُ مَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* {فَرْعٌ} ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ قَالَ " شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ " مَعْنَاهُ لَا يَنْقُصُ أَجْرُهُمَا وَالثَّوَابُ الْمُرَتِّبُ وَإِنْ نَقَصَ عَدَدُهُمَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَنْقُصَانِ مَعًا غَالِبًا مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقِيلَ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُ ذِي الْحِجَّةِ عَنْ ثَوَابِ رَمَضَانَ لِأَنَّ فِيهِ الْمَنَاسِكَ والعشر حكاه الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ بَاطِلٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>