للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالِاسْتِدَامَةِ وَنَصَّ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَوَطِئَهَا وَاسْتَدَامَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَهْرٌ بِالِاسْتِدَامَةِ قَالُوا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِمَا فَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ وَخَرَّجَ فَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ (أَحَدُهُمَا) تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَالْمَهْرُ كَمَا لَوْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ (وَالثَّانِي) لَا يَجِبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ أَوَّلَ الْفِعْلِ كَانَ مُبَاحًا وَقَالَ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ دُونَ الْمَهْرِ وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْفِعْلِ هُنَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ كَفَّارَةٌ فوجبت الكفارة باستدامته لئلا يخلوا جِمَاعٌ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَمْدًا عَنْ كَفَّارَةٍ وأما المهر فلا يجب لان أول الوطئ تَعَلَّقَ بِهِ الْمَهْرُ لِأَنَّ مَهْرَ النِّكَاحِ يُقَابِلُ جميع الوطئات فَلَمْ يَجِبْ بِاسْتِدَامَتِهِ مَهْرٌ آخَرُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى إيجَابِ مَهْرَيْنِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ بِوَطْأَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَقَوْلُنَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ احْتِرَازٌ مِمَّنْ وَطِئَ زَوْجَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنَهُ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ زَوْجِهَا وَيَلْزَمُ الْوَاطِئَ مَهْرَانِ بالوطئة الْوَاحِدَةِ مَهْرٌ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا بِشُبْهَةٍ وَمَهْرٌ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَيْهِ نِكَاحَهُ والله أعلم

* {فرع} لو أحرم بالحج مجامعا ففيه ثلاث أَوْجُهٍ سَأُوَضِّحُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(أَصَحُّهَا) لَا يَنْعَقِدُ حَجُّهُ كَمَا لَا يَنْعَقِدُ صَوْمُهُ وَلَا صَلَاةُ مَنْ أَحْرَمَ بِهَا مَعَ خُرُوجِ الْحَدَثِ

(وَالثَّانِي)

يَنْعَقِدُ حَجُّهُ صَحِيحًا فَإِنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ صَحَّ حَجُّهُ ولا شئ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَسَدَ وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ وَالْقَضَاءُ وَالْبَدَنَةُ (وَالثَّالِثُ) يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْمُضِيُّ فِيهِ سَوَاءٌ مَكَثَ أَوْ نَزَعَ فِي الْحَالِ وَلَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ إنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ فَإِنْ مَكَثَ وَجَبَتْ شَاةٌ فِي الْأَصَحِّ وَفِي قَوْلِ بَدَنَةٌ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَنَّ الصَّوْمَ يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْإِفْسَادِ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِيهِ مَعَ وُجُودِ الْمُفْسِدِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْبَابِ بَيَانُ مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ الصَّوْمِ بِالْإِفْسَادِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَجِّ بِالْإِفْسَادِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) لَوْ جَامَعَ ظَانًّا أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ أَوْ أَنَّ الشَّمْسَ غَرَبَتْ فَبَانَ غَلَطُهُ فَلَا كَفَّارَةَ هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ إلَّا إمَامَ الْحَرَمَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَى النَّاسِي بِالْجِمَاعِ يَقُولُ بِمِثْلِهِ هُنَا لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُمْ فِيمَنْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ لَا كَفَّارَةَ تَفْرِيعٌ عَلَى جَوَازِ الْفِطْرِ بِظَنِّ ذَلِكَ فَإِنْ مَنَعْنَاهُ بِالظَّنِّ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ مُحَرَّمٌ صَادَفَ الصَّوْمَ (الثَّالِثَةُ) إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِذَلِكَ لِجَهْلِهِ بِالْحُكْمِ ثُمَّ جَامَعَ فَهَلْ يَبْطُلُ صَوْمُهُ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ (أَحَدُهُمَا) وَبِهِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ لَا كَمَا لَوْ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ نَاسِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ عَامِدًا فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ (وَأَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ تَبْطُلُ كَمَا لَوْ جَامَعَ أَوْ أَكَلَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ فَبَانَ طَالِعًا (فَإِنْ قُلْنَا) لَا يُفْطِرُ فَلَا كَفَّارَةَ (وَإِنْ قُلْنَا) يُفْطِرُ فَلَا كَفَّارَةَ أَيْضًا هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>