للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْخَامِسِ) ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ مَرَّ بِهِمَا قريب المغرب فقال أفطرا أَيْ حَانَ فِطْرُهُمَا كَمَا يُقَالُ أَمْسَى الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَوْ قَارَبَهُ (السَّادِسِ) أَنَّهُ تَغْلِيظٌ وَدُعَاءٌ عَلَيْهِمَا لِارْتِكَابِهِمَا مَا يُعَرِّضُهُمَا لِفَسَادِ صَوْمِهِمَا (وَاعْلَمْ) أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ خُزَيْمَةَ اعْتَرَضَ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَى عَنْهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ أَنَّهُ قَالَ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ " فَقَالَ بَعْضُ مَنْ خَالَفَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ لَا يُفْطِرُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ " وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي هَذَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ فِي السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ مُحْرِمًا مُقِيمًا بِبَلَدِهِ وَالْمُسَافِرُ إذَا نَوَى الصَّوْمَ لَهُ الْفِطْرُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْحِجَامَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ حِجَامَتِهِ أَنَّهَا لَا تُفْطِرُ فَاحْتَجَمَ وَصَارَ مُفْطِرًا وَذَلِكَ جَائِزٌ هَذَا كَلَامُ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ قَالَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَثْبَتَ لَهُ الصِّيَامَ مَعَ الْحِجَامَةِ وَلَوْ بَطَلَ صَوْمُهُ بِهَا لَقَالَ أَفْطَرَ بِالْحِجَامَةِ كَمَا يُقَالُ أَفْطَرَ الصَّائِمُ بِأَكْلِ الْخُبْزِ وَلَا يُقَالُ أَكَلَهُ وَهُوَ صَائِمٌ قُلْتُ وَلِأَنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ " الْإِخْبَارُ بِأَنَّ الْحِجَامَةَ لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ ويؤيده باقى الاحاديث المذكروة والله أعلم

*

* قال المصنف رحمه الله

*

{قال واكره له العلك لانه يجفف الفم ويعطش ولا يفطر لانه يدور في الفم ولا ينزل الي الجوف شئ فان تفرك وتفتت فوصل منه شئ الي الجوف بطل الصوم ويكره له أن يمضغ الخبز فان كان له ولد صغير ولم يكن له من يمضغ غيره لم يكره له ذلك}

* {الشَّرْحُ} قَوْلُهُ قَالَ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ وَالْعِلْكُ بِكَسْرِ العين هو هذا الْمَعْرُوفُ وَيَجُوزُ فَتْحُ الْعَيْنِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْفِعْلَ وَهُوَ مَضْغُ الْعِلْكِ وَإِدَارَتُهُ وَقَوْلُهُ يَمْضَغُ هُوَ بفتح الصاد وَضَمِّهَا لُغَتَانِ (أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَفِيهَا مَسْأَلَتَانِ (إحْدَاهُمَا) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الْعِلْكُ لِأَنَّهُ يجمع الريق ويورث العطش والقئ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ " لَا يَمْضَغُ الْعِلْكَ الصَّائِمُ " وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ وَأَكْرَهُ الْعِلْكَ لِأَنَّهُ يَحْلُبُ الْفَمَ قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي رُوِيَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِالْجِيمِ وَبِالْحَاءِ فَمَنْ قَالَ بِالْجِيمِ فَمَعْنَاهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ فَرُبَّمَا ابْتَلَعَهُ وَذَلِكَ يُبْطِلُ الصَّوْمَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَمَكْرُوهٌ فِي الْآخَرِ قَالَ وَقَدْ قِيلَ مَعْنَاهُ يُطَيِّبُ الْفَمَ وَيُزِيلُ الْخُلُوفَ قَالَ وَمَنْ قَالَهُ بِالْحَاءِ فَمَعْنَاهُ يَمْتَصُّ الرِّيقَ وَيُجْهِدُ الصَّائِمَ فَيُورِثُ الْعَطَشَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُفْطِرُ بِمُجَرَّدِ الْعِلْكِ وَلَا بِنُزُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>