للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْبَغَوِيّ الْعِصْيَانُ فِي الْوِصَالِ لِقَصْدِهِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَالْفِطْرُ حَاصِلٌ بِدُخُولِ اللَّيْلِ كَالْحَائِضِ إذَا صَلَّتْ عَصَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَلَاةٌ وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ خِلَافُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ وَخِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ كَمَا سَبَقَ قَرِيبًا وَقَدْ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ الْوِصَالُ تَرْكُ الْأَكْلِ بِاللَّيْلِ دُونَ نِيَّةِ الْفِطْرِ لِأَنَّ الْفِطْرَ يَحْصُلُ بِاللَّيْلِ سَوَاءٌ نَوَى الْإِفْطَارَ أَمْ لَا هَذَا كَلَامُهُ وَظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْوِصَالَ تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي اللَّيْلِ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ

* {فَرْعٌ} اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ الْوِصَالَ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ سَوَاءٌ حَرَّمْنَاهُ أَوْ كَرَّهْنَاهُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ النَّهْيَ لَا يَعُودُ إلَى الصَّوْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* {فَرْعٌ} اتَّفَقَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْوِصَالَ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّنَا (إمَّا) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ عَلَى الصَّحِيحِ (وَإِمَّا) تَنْزِيهٍ وَمُبَاحٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُوَ قُرْبَةٌ فِي حَقِّهِ وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي " وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ فِي الْحَاوِي وَمِنْهَاجِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَعَالِمِ لِلْخَطَّابِيِّ وَالْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا

(أَحَدُهُمَا)

وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ مَعْنَاهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ الطَّاعِمِ الشَّارِبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَكْلَ حَقِيقَةً إذْ لَوْ أَكَلَ حَقِيقَةً لَمْ يَبْقَ وِصَالٌ وَلَقَالَ مَا أَنَا مُوَاصِلٌ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

قَرِيبًا فِي فَرْعِ بَيَانِ الْأَحَادِيثِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي " وَلَا يُقَالُ ظَلَّ إلَّا فِي النَّهَارِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ

(وَالثَّانِي)

أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ مِنْ الْجَنَّةِ كَرَامَةً لَهُ لَا تُشَارِكُهُ فِيهَا الْأُمَّةُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ تَأْوِيلًا ثَالِثًا مَعَ هَذَيْنِ قَالَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَشْغَلُنِي عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْحُبُّ الْبَالِغُ يَشْغَلُ عَنْهُمَا

* {فَرْعٌ} قَالَ أَصْحَابُنَا الْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْوِصَالِ لِئَلَّا يَضْعُفَ عَنْ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ أَوْ يَمَلَّهَا وَيَسْأَمَ مِنْهَا لِضَعْفِهِ بِالْوِصَالِ أَوْ يَتَضَرَّرَ بَدَنُهُ أَوْ بَعْضُ حَوَاسِّهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ

* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الْوِصَالِ

* ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وبه قال الجمهور وقال العبدرى هو قَوْلُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إلَّا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ كَانَ يُوَاصِلُ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ابْنُ الْمُنْذِرِ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ أَبِي نَعِيمٍ يُوَاصِلَانِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَاصَلَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ أَفْطَرَ عَلَى سَمْنٍ وَلَبَنٍ وَصَبْرٍ قَالَ وَتَأَوَّلَ فِي السَّمْنِ أَنَّهُ يُلَيِّنُ الْأَمْعَاءَ وَاللَّبَنُ أَلْطَفُ غِذَاءً وَالصَّبْرُ يُقَوِّي الْأَعْضَاءَ

* دَلِيلُنَا الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

* {فَرْعٌ} فِي بَيَانِ جُمْلَةٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْوِصَالِ

* عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن

<<  <  ج: ص:  >  >>