للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآثَارُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْإِطْعَامِ فَرَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ فِي إسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَاسِنَادُ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ أَيْضًا وَلَفْظُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " مَنْ مَرِضَ ثُمَّ صَحَّ وَلَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ قَالَ يَصُومُ الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ يَصُومُ الشَّهْرَ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ وَيُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا " وَلَفْظُ الْبَاقِي بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُمْ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاءُ الصَّوْمِ (وَقَوْلُهُ) وَلِأَنَّهُ تَتَابُعٌ وَجَبَ لِأَجْلِ الْوَقْتِ فِيهِ احْتِرَازٌ مِنْ التَّتَابُعِ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ أو في النذر الْمُتَتَابِعِ (أَمَّا) أَحْكَامُ الْفَصْلِ فَفِيهِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ بَعْضِهِ فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ بِأَنْ اسْتَمَرَّ مَرَضُهُ أَوْ سَفَرُهُ وَنَحْوُهُمَا جَازَ لَهُ التأخير مادام عُذْرُهُ وَلَوْ بَقِيَ سِنِينَ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ بِهَذَا التَّأْخِيرِ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ رَمَضَانَات وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ أَدَاءِ رَمَضَانَ بِهَذَا الْعُذْرِ فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ فَإِنْ لم يكن عُذْرٌ لَمْ يَجُزْ التَّأْخِيرُ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ بلا خلاف بل عليه قضاوه قبل مجئ رَمَضَانَ السَّنَةَ الْقَابِلَةَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّوْمِ

وَالصَّلَاةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا بَلْ إلَى سِنِينَ إنَّ تَأْخِيرَ الصَّوْمِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ تَأْخِيرٌ لَهُ إلَى زَمَنٍ لَا يَقْبَلُ صَوْمَ الْقَضَاءِ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ فَهُوَ كَتَأْخِيرِهِ إلَى الْمَوْتِ فَلَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ فَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَلَزِمَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَيَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءُ رَمَضَانَ الْفَائِتِ وَيَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْفَائِتِ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ مَعَ الْقَضَاءِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا الْمُزَنِيَّ فَقَالَ لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَلَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى مَضَى رَمَضَانَانِ فَصَاعِدًا فَهَلْ يَتَكَرَّرُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ أَمْ يَكْفِي مُدٌّ عَنْ كُلِّ السِّنِينَ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) يَتَكَرَّرُ صَحَّحَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ وَخَالَفَهُمْ صَاحِبُ الْحَاوِي فَقَالَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي مُدٌّ وَاحِدٌ لِجَمِيعِ السِّنِينَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ أَفْطَرَ عُدْوَانًا وَقُلْنَا تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ فَأَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مَعَ الْقَضَاءِ فِدْيَتَانِ فِدْيَةٌ لِلْإِفْطَارِ عُدْوَانًا وَأُخْرَى لِلتَّأْخِيرِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ

* وَاحْتَجَّ لَهُ الْبَغَوِيّ بِأَنَّ سَبَبَهُمَا مُخْتَلِفٌ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ إنْ عَدَدْنَا الْفِدْيَةَ بِتَعَدُّدِ رَمَضَانَ فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ مَعَ الْإِمْكَانِ حَتَّى مَاتَ بَعْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ وَقُلْنَا الْمَيِّتُ يُطْعَمُ عَنْهُ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ يَجِبُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ مِنْ تَرِكَتِهِ مُدٌّ عَنْ الصَّوْمِ وَمُدٌّ عَنْ التَّأْخِيرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>