النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ ثم يدعو للعلماء الماضيين مِنْ مَشَايِخِهِ وَوَالِدَيْهِ وَالْحَاضِرِينَ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ: وَيَقُولَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أظلم وأجهل أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ: فَإِنْ ذَكَرَ دُرُوسًا قَدَّمَ أهمها فيقدم التفسير ثم الحديث ثم الاصولين ثُمَّ الْمَذْهَبَ ثُمَّ الْخِلَافَ ثُمَّ الْجَدَلَ وَلَا يَذْكُرُ الدَّرْسَ وَبِهِ مَا يُزْعِجُهُ كَمَرَضٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ مُدَافَعَةِ الْحَدَثِ أَوْ شِدَّةِ فَرَحٍ وغم وَلَا يُطَوِّلُ مَجْلِسَهُ تَطْوِيلًا يُمِلُّهُمْ أَوْ يَمْنَعُهُمْ فَهْمَ بَعْضِ الدُّرُوسِ أَوْ ضَبْطِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إفَادَتُهُمْ وَضَبْطُهُمْ فَإِذَا صَارُوا إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَاتَهُ الْمَقْصُودُ: وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ وَاسِعًا وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ زِيَادَةً عَلَى الْحَاجَةِ وَلَا يَخْفِضُهُ خَفْضًا يَمْنَعُ بَعْضَهُمْ كَمَالَ فَهْمِهِ: وَيَصُونُ مَجْلِسَهُ مِنْ اللَّغَطِ وَالْحَاضِرِينَ عَنْ سُوءِ الْأَدَبِ فِي الْمُبَاحَثَةِ وإذا ظهر من أحدهم شئ مِنْ مَبَادِئِ ذَلِكَ تَلَطَّفَ فِي دَفْعِهِ قَبْلَ انْتِشَارِهِ وَيُذَكِّرُهُمْ أَنَّ اجْتِمَاعَنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَلِيقُ بِنَا الْمُنَافَسَةُ وَالْمُشَاحَنَةُ بَلْ شَأْنُنَا (١) الرِّفْقُ وَالصَّفَاءُ (٢) وَاسْتِفَادَةُ بَعْضِنَا مِنْ بَعْضٍ وَاجْتِمَاعُ قُلُوبِنَا عَلَى ظُهُورِ الْحَقِّ: وَحُصُولِ الْفَائِدَةِ
* وَإِذَا سَأَلَ سَائِلٌ عَنْ أُعْجُوبَةٍ فَلَا يسخرون منه وإذا سئل عن شئ لَا يَعْرِفُهُ أَوْ عَرَضَ فِي الدَّرْسِ مَا لَا يَعْرِفُهُ فَلْيَقُلْ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أَتَحَقَّقُهُ وَلَا يَسْتَنْكِفُ عَنْ ذَلِكَ: فَمِنْ عِلْمِ الْعَالِمِ أَنْ يَقُولَ فِيمَا لَا يَعْلَمُ لَا أَعْلَمُ أَوْ اللَّهُ أَعْلَمُ: فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنَّ مِنْ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وما انا من المتكلفين) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
* وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عنه نهينا عن التكليف: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
* وَقَالُوا يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يُوَرِّثَ أَصْحَابَهُ لَا أَدْرِي: مَعْنَاهُ يُكْثِرُ مِنْهَا: وَلْيَعْلَمْ أَنَّ مُعْتَقَدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ قَوْلَ الْعَالِمِ لَا أَدْرِي لَا يَضَعُ مَنْزِلَتَهُ بَلْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ مَحَلِّهِ وَتَقْوَاهُ وَكَمَالِ مَعْرِفَتِهِ لِأَنَّ الْمُتَمَكِّنَ لَا يَضُرُّهُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ مَسَائِلَ مَعْدُودَةً بَلْ يُسْتَدَلُّ بِقَوْلِهِ لَا أَدْرِي عَلَى تَقْوَاهُ وَأَنَّهُ لَا يُجَازِفُ فِي فَتْوَاهُ.
وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ مِنْ لَا أَدْرِي مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ وَقَصُرَتْ مَعْرِفَتُهُ وَضَعُفَتْ
تَقْوَاهُ لِأَنَّهُ يَخَافُ لِقُصُورِهِ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ أَعْيُنِ الْحَاضِرِينَ وَهُوَ جَهَالَةٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الْجَوَابِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ يَبُوءُ بِالْإِثْمِ الْعَظِيمِ وَلَا يَرْفَعُهُ ذَلِكَ عَمَّا عرف له من المقصور بل يستدل به على قصوره لا نا إذَا رَأَيْنَا الْمُحَقِّقِينَ يَقُولُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ لَا أَدْرِي وَهَذَا الْقَاصِرُ لَا يَقُولُهَا أَبَدًا عَلِمْنَا أَنَّهُمْ يَتَوَرَّعُونَ لِعِلْمِهِمْ وَتَقْوَاهُمْ وَأَنَّهُ يجازف لجهله وقلة دينه فوقع فيما فرعنه وَاتَّصَفَ بِمَا احْتَرَزَ مِنْهُ لِفَسَادِ نِيَّتِهِ وَسُوءِ طَوِيَّتِهِ: وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابس ثوبي زور فَصْلٌ وَيَنْبَغِي لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يَطْرَحَ عَلَى أَصْحَابِهِ مَا يَرَاهُ مِنْ مُسْتَفَادِ الْمَسَائِلِ وَيَخْتَبِرَ بِذَلِكَ أَفْهَامَهُمْ وَيُظْهِرَ فَضْلَ الْفَاضِلِ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ تَرْغِيبًا لَهُ وَلِلْبَاقِينَ فِي الِاشْتِغَالِ وَالْفِكْرِ فِي الْعِلْمِ وَلِيَتَدَرَّبُوا بِذَلِكَ وَيَعْتَادُوهُ وَلَا يُعَنِّفُ مَنْ غَلِطَ مِنْهُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرَى تَعْنِيفَهُ مَصْلَحَةً لَهُ: وَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَعْلِيمِهِمْ أَوْ إلْقَاءِ دَرْسٍ عَلَيْهِمْ أَمَرَهُمْ بِإِعَادَتِهِ لِيُرَسِّخَ حِفْظَهُمْ لَهُ فَإِنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ شئ ما عاودوا الشيخ في ايضاحه
*
(١) وفي نسخة بل سبيلنا: (٢) وفي نسخة والحياء:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute