بِأَفْعَالِهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ مَحْفُوظَةٌ قَالَ الْخَطِيبُ وَقَدْ تَأَوَّلَ الْمُخَالِفُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ
" لَوْ صُمْتُ السَّنَةَ لَأَفْطَرْتُ يَوْمَ الشَّكِّ " عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ لَمْ أَصُمْهُ تَطَوُّعًا وَإِنْ تَطَوَّعْتُ بِجَمِيعِ السَّنَةِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمُ الشَّكِّ فِي الصَّحْوِ قَالَ وَهَكَذَا قَوْلُهُ " صُومُوا مَعَ الْجَمَاعَةِ " الْمُرَادُ مَعَ الصَّحْوِ قَالَ الْخَطِيبُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ فِي اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ أَنَّهُ لَا يَصُومُهُ بِحَالٍ وَكَذَا الْمَعْرُوفُ عِنْدَهُمْ مِنْ يَوْمِ الشَّكِّ إنَّمَا هُوَ مَعَ وُجُودِ السَّحَابِ لَا مَعَ الصَّحْوِ مَعَ أَنَّ مَا تَأَوَّلَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وجه الا ماقاله لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِثُبُوتِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ الصَّرِيحَةِ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ مَا ادَّعَى الْمُخَالِفُ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ وَلَا غَيْرِهِ ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ إلَّا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ الْخَطِيبُ وَقَدْ جَعَلَ الْمُخَالِفُ الْعِلَّةَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ الْمُجْمَلِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ مُجَرَّدَ فِعْلِهِ مَعَ احْتِمَالِهِ غَيْرَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَكَانَ يَلْزَمُهُ تَرْكُ رَأْيِهِ وَالْأَخْذُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " تَمَارَى النَّاسُ فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْيَوْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ غَدًا فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَنَّهُ رَآهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ صُومُوا ثُمَّ قَالَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صُومُوا وَلَا تَصُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا " قَالَ الْخَطِيبُ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَيَانِ الشَّافِي بِاللَّفْظِ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute