مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ أَوْ نِصْفِ اللَّيْلِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَادَةِ أَنْ تُخَالِفَ الْعِبَادَةَ وَعَادَةُ النَّاسِ القعود في المسجد السَّاعَةَ وَالسَّاعَاتِ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ أَوْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ اعْتِكَافًا فَشَرَطَ زِيَادَةً عَلَيْهِ لِتَتَمَيَّزَ الْعِبَادَةُ عَنْ الْعَادَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهَذَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ أَكْثَرِ النَّهَارِ يُشْبِهُ الْخِلَافَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ وَفِي صِحَّتِهِ بِنِيَّةٍ بَعْدَهُ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ (فَإِذَا قُلْنَا) بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ إنَّهُ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ بِشَرْطِ لُبْثٍ وَإِنْ قَلَّ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ فِي الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا شُرِطَ لُبْثٌ يَزِيدُ.
عَلَى طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ كَمَا سَبَقَ وَكُلَّمَا كَثُرَ كَانَ أَفْضَلَ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ عُمْرِ الْإِنْسَانِ جَمِيعِهِ وَيَصِحُّ نَذْرُ اعْتِكَافِ الْعُمْرِ وَسَنُفْرِدُهُ بِمَسْأَلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَلَوْ نَذَرَ اعتكاف سَاعَةً صَحَّ نَذْرُهُ وَلَزِمَهُ اعْتِكَافُ سَاعَةٍ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا كَفَاهُ عَنْ نَذْرِهِ اعْتِكَافُ لَحْظَةٍ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَوْ كَانَ يَدْخُلُ سَاعَةً وَيَخْرُجُ سَاعَةً وَكُلَّمَا دَخَلَ نَوَى الِاعْتِكَافَ
صَحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهًا ضَعِيفًا وكأنه راجع إلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَلَوْ نَوَى اعْتِكَافَ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْوَفَاءُ بِهَا بِكَمَالِهَا فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ إكْمَالِهَا جَازَ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ وَلَمْ يَقْدِرْ شَيْئًا دَامَ اعْتِكَافُهُ مادام في المسجد
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute