للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتِرَاطِ التَّجْدِيدِ وَجْهَانِ وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ جَارِيَةٌ فِي اعْتِكَافِ التَّطَوُّعِ وَفِيمَنْ نَذَرَ أَيَّامًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا التَّتَابُعَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ فَأَمَّا إذَا شَرَطَ التَّتَابُعَ أَوْ كَانَتْ الْأَيَّامُ الْمَنْذُورَةُ مُتَوَاصِلَةً فَسَنَذْكُرُ حُكْمَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فِيهَا بَعْدَ ذِكْرِ مَا يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ الْمُتَتَابِعَ وَمَا لَا يَقْطَعُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا شَرَطَ فِي اعْتِكَافِهِ خُرُوجَهُ لِشُغْلٍ وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ إنَّهُ يَصِحُّ شَرْطُهُ فَخَرَجَ لِذَلِكَ ثُمَّ عَادَ فَفِي وُجُوبِ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا البغوي وغيره (صحهما) عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ وُجُوبُ التَّجْدِيدِ أَمَّا إذَا دَخَلَ فِي اعْتِكَافٍ بِالنِّيَّةِ ثُمَّ قَطَعَ النِّيَّةَ وَنَوَى إبْطَالَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ فِيهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ (أَصَحُّهُمَا) عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ وُجُوبُ التَّجْدِيدِ أَمَّا إذَا دَخَلَ فِي اعْتِكَافٍ بِالنِّيَّةِ ثُمَّ قَطَعَ النِّيَّةَ وَنَوَى إبْطَالَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ فِيهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَهُمَا مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَا يَبْطُلُ وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ نَظَائِرِهَا فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ

* {وَلَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِي إلَيَّ رَأْسَهُ لِأُرَجِّلَهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ " فَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ هُوَ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا خَرَجَ فَقَدْ فَعَلَ مَا يُنَافِيهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَبَطَلَ كَمَا لَوْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ وَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ رَأْسَهُ وَرِجْلَهُ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَلِأَنَّهُ بِإِخْرَاجِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلِ لَا يَصِيرُ خَارِجًا وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا خَرَجْتُ مِنْ الدَّارِ وأخرج رأسه أو رجله لم يحنث}

* {الشَّرْحُ} حَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ " إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُدْخِلُ عَلِيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ إذَا كَانَ مُعْتَكِفًا " هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إلَّا أَنَّ لَفْظَ الْإِنْسَانِ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَثَبَتَ لَفْظُ الْإِنْسَانِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد

أَيْضًا وَهَذَا لَفْظُهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا اعتكف يدني إلى رَأْسَهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>