{وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلِأَنَّ ذلك خروج لما لابد مِنْهُ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ سِقَايَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهَا لِأَنَّ ذَلِكَ نُقْصَانُ مُرُوءَةٍ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ فَلَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبَةِ بَيْتِ صَدِيقٍ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا احْتَشَمَ وَشَقَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْتَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ (أَظْهَرُهُمَا) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْبَعِيدِ فَإِنْ خَرَجَ إلَيْهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ إذَا خَرَجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجُوزُ أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْأَبْعَدِ ولا يبطل اعتكافه لانه حروج لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَأَشْبَهَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غيره}
* {الشَّرْحُ} حَدِيثُ عَائِشَةَ سَبَقَ بَيَانُهُ وَفِي الْفَصْلِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَهِيَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَهُ أَيْضًا الْخُرُوجُ لَغُسْلِ الِاحْتِلَامِ بِلَا خِلَافٍ وَدَلِيلُهُمَا فِي الْكِتَابِ (الثانية) إذا كان للمسجد سقاية لم يكلفه قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِيهَا بَلْ لَهُ الذَّهَابُ إلَى دَارِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِجَنْبِهِ دَارُ صَدِيقٍ لَهُ وَأَمْكَنَهُ دُخُولُهَا لَمْ نُكَلِّفْهُ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (الثَّالِثَةُ) إذَا كَانَ لَهُ بَيْتَانِ أَحَدُهُمَا أَقْرَبُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ جَازَ الذَّهَابُ إلَيْهِ فَهَلْ يَجُوزُ الذَّهَابُ إلَى الْأَبْعَدِ فِيهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} إذَا كَانَتْ دَارُهُ بَعِيدَةً بُعْدًا فَاحِشًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي طَرِيقِهِ مَوْضِعًا كَسِقَايَةٍ أَوْ بَيْتِ صَدِيقٍ يَأْذَنُ فِيهِ فَلَهُ الذَّهَابُ إلَى دَارِهِ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ وَكَانَ لَا يَلِيقُ بِهِ دُخُولُ غَيْرَ دَارِهِ فَلَهُ الذَّهَابُ إلَى دَارِهِ أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالدَّارِمِيُّ
وَالْفُورَانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَصَاحِبَا الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَآخَرُونَ (أَصَحُّهُمَا) لَا يَجُوزُ الذَّهَابُ إلَى غَيْرِ دَارِهِ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ جُمْلَةً مَقْصُودَةً من أوقات الاعتكاف في الذهاب والمجئ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ (وَالثَّانِي) يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَشُقُّ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute