للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ لَا يُعْتَدَّ بِهِ وَإِنْ حَكَمَ بِأَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَقْطَعُ وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِي حَالِ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَهُ اعْتِكَافُهُ وَكَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يُقَالَ لَا يَفْسُدُ وَيُعَدُّ الْجِمَاعُ الْوَاقِعُ فِيهِ كَالْجِمَاعِ الْوَاقِعِ فِي لَيَالِي الصِّيَامِ الْمُتَتَابِعِ وَقَالَ الْقَائِلُونَ لَيْسَ الْخَارِجُ مُعْتَكِفًا وَلَكِنَّ زَمَانَ خُرُوجِهِ مُسْتَثْنًى وَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ إلَّا أَوْقَاتَ خُرُوجِي لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَأَجَابُوا عَنْ الْجِمَاعِ وَحَمَلُوا كَوْنَهُ مُفْسِدًا عَلَى اشْتِغَالِ الْخَارِجِ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِحَاجَتِهِ وَقَدْ يَقُولُونَ لَوْ عَادَ مَرِيضًا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَمَا سَنُفَصِّلُهُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ الْجِمَاعُ مَعَ الِاشْتِغَالِ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى بُعْدٍ فِي تَصْوِيرِهِ لَمْ يَفْسُدْ الِاعْتِكَافُ وَهَذَا بَعِيدٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الِاعْتِكَافُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فَإِنَّهُ عَظِيمُ الْمَوْقِعِ فِي الشَّرِيعَةِ وَهُوَ وَإِنْ قَرُبَ زَمَانُهُ أَظْهَرُ تَأْثِيرًا مِنْ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْخَارِجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ إنْ عَادَ مَرِيضًا فِي طَرِيقِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الِازْوِرَارِ فَلَا بَأْسَ بذلك ولو ازاو وَعَادَ الْمَرِيضَ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَانُ عَلَى وَجْهٍ كَانَ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي الْأَنَاةِ فَإِنَّ هَذَا يَقْدَحُ فِي الْقَصْدِ الْمُجَرَّدِ إلَى قضاء الحاجة وذكر الْأَصْحَابُ أَنَّ الْخَارِجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لَوْ أَكَلَ لُقَمًا فَلَا بَأْسَ إذَا لَمْ يَجِدْ كُلَّ مَقْصُودِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ طُولُ زَمَانٍ مُعْتَبَرٍ وَالْجِمَاعُ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُؤَثِّرٌ بِلَا خِلَافٍ وَمَنْ تَكَلَّفَ تَصْوِيرَهُ فَرَضَهُ فِي جَرَيَانِهِ مَعَ الِاشْتِغَالِ بِالذَّهَابِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ

* (فَرْعٌ)

لَوْ جَامَعَ الْخَارِجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي مُرُورِهِ بِأَنْ كَانَ فِي هَوْدَجٍ أَوْ جَامَعَ فِي وَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ أَوْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ بِشَهْوَةٍ وَأَنْزَلَ وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ إنَّهُ يُؤَثِّرُ فَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَذَكَرَهُمَا آخَرُونَ (أَصَحُّهُمَا) بُطْلَانُ اعْتِكَافِهِ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مُنَافَاةً

لِلِاعْتِكَافِ مِمَّنْ أَطَالَ الْوُقُوفَ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ (وَالثَّانِي) لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ إلَيْهِ زَمَنًا وَلَيْسَ هو في هذه الحالة معكتفا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

*

* قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ

* {وَيَجُوزُ أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْبَيْتِ لِلْأَكْلِ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يأكل في المسجد فلا حاجة له وَالْمَنْصُوصُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَكْلَ فِي الْمَسْجِدِ ينقص المروءة فلم يلزمه}

*

<<  <  ج: ص:  >  >>