للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له منه ولا اعتكف إلا بصوم ولا اعتكف إلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد والبيهقي وغيرهما وعبد الرحمن ابن اسحق هَذَا مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَالْأَكْثَرُونَ لَا يَحْتَجُّونَ بِهِ وَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ قَالَ أبو داود

عن عبد الرحمن بن اسحق لَا يَقُولُ فِيهِ قَالَتْ السُّنَّةُ وَجَعَلَهُ قَوْلَ عائشة وقال الدارقطني فقال إنَّ قَوْلَهُ السُّنَّةُ إلَى آخِرِهِ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ.

وَمَنْ أَدْرَجَهُ فِي الحديث فقد وهم وفال الْبَيْهَقِيُّ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْحُفَّاظِ إلَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ مَنْ دُونَ عَائِشَةَ وَأَنَّ مَنْ أَدْرَجَهُ فِي الْحَدِيثِ فقد وهم فيه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

*

* قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

* {فَإِنْ حَضَرَتْ الْجُمُعَةُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَالِاعْتِكَافُ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ لَزِمَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَيْهَا لِأَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضٌ بِالشَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا بِالِاعْتِكَافِ وَهَلْ يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ (قَالَ) فِي الْبُوَيْطِيِّ لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَا يبطل الاعتكاف كَالْخُرُوجِ لِقَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ (وَقَالَ) فِي عَامَّةِ كُتُبِهِ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْجَامِعِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي صَوْمِ الشهرين المتتابعين فخرج بصوم رمضان}

* {الشَّرْحُ} قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ وَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا لَزِمَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ كَانَ اعْتِكَافُهُ نَفْلًا أَوْ نَذْرًا لِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ مُقَصِّرٌ حَيْثُ لَمْ يَعْتَكِفْ فِي الْجَامِعِ فَإِنْ كَانَ اعْتِكَافُهُ تَطَوُّعًا بَطَلَ خُرُوجُهُ وَإِنْ كَانَ نَذْرًا غَيْرَ مُتَتَابِعٍ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ مُدَّةُ ذَهَابِهِ وَمُكْثِهِ فِي الْجَامِعِ وَرُجُوعُهُ فَإِذَا عَادَ إلَى الْمَسْجِدِ بَنَى عَلَى اعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَحَكَى السرخسى قولا أنه يُحْسَبُ لَهُ زَمَانُ الْخُرُوجِ كَمَا لَوْ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ هَذَا مقصر بترك الجامع أو لا بِخِلَافِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ نَذْرًا مُتَتَابِعًا وَلَمْ يَنْقُضْ فَفِي بُطْلَانِهِ بِالْخُرُوجِ خِلَافٌ حَكَاهُ المصنف والمحملي فِي الْمَجْمُوعِ وَالْبَغَوِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَخَلَائِقُ قَوْلَيْنِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ وَجْهَيْنِ وَغَلِطَ صَاحِبُ الْبَيَانِ حَيْثُ أَنْكَرَ عَلَى صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ حِكَايَتَهُ الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ وَقَالَ إنَّمَا يَحْكِيهِمَا أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَجْهَيْنِ ثُمَّ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ انْقِطَاعُ التَّتَابُعِ وَبُطْلَانُ اعْتِكَافِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَآخَرُونَ (وَالثَّانِي) لَا يَبْطُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>