للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاشَرَ نَاسِيًا لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ.

لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " وَلِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ أَبْطَلَتْهَا مُبَاشَرَةُ الْعَامِدِ لَمْ تُبْطِلْهَا مُبَاشَرَةُ النَّاسِي كَالصَّوْمِ وَإِنْ بَاشَرَهَا وَهُوَ جَاهِلٌ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يَبْطُلْ لِأَنَّ الْجَاهِلَ كَالنَّاسِي وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ في الصلاة والصوم}

* {الشَّرْحُ} قَوْلُهُ مُبَاشَرَةٌ مُحَرَّمَةٌ احْتِرَازٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ (وَقَوْلُهُ) مُبَاشَرَةٌ لَا تُبْطِلُ الْحَجَّ احتراز من الجماع

* (أما) حكم الْفَصْلِ فَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْمُبَاشَرَةُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ بِالْيَدِ وَالْقُبْلَةِ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ وَالْإِكْرَامِ أَوْ لِقُدُومِهَا مِنْ سَفَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَجَمِيعُ الْمُبَاشَرَاتِ بِالشَّهْوَةِ بِلَا خِلَافٍ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى ذَلِكَ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (وَأَمَّا) قَوْلُ صَاحِبِ الْعُدَّةِ فَأَمَّا الْمُبَاشَرَةُ مِنْ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَنَحْوِهِمَا فَهَلْ يَحْرُمُ فِيهِ قَوْلَانِ فَغَلَطٌ مِنْهُ وَالصَّوَابُ الْقَطْعُ بِتَحْرِيمِهَا وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِي إفْسَادِ الِاعْتِكَافِ بِهَا وَكَلَامُهُ فِي تَفْرِيعِ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْإِفْسَادِ وَكَأَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَقَرِيبٌ مِنْ عِبَارَتِهِ عِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُعَانَقَةِ قَوْلَانِ

(أَحَدُهُمَا)

يَحْرُمُ وَيُفْسِدُ كَمَا فِي الْحَجِّ (وَالثَّانِي) لَا كَمَا فِي الصَّوْمِ هَذَا لَفْظُهُ وَفِيهِ إنْكَارَانِ

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّهُ أَوْهَمَ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فيه التَّحْرِيمِ وَالتَّحْرِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْإِفْسَادِ

(وَالثَّانِي)

قَوْلُهُ وَيُفْسِدُ كَمَا فِي الْحَجِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ مِنْ الْمُبَاشَرَاتِ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ

لِبَيَانِ الْغَلَطِ فِيهِمَا لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِمَا وَيُتَوَهَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِي التَّحْرِيمِ مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* فَإِنْ جَامَعَ الْمُعْتَكِفُ ذَاكِرًا لِلِاعْتِكَافِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ جِمَاعُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ وَقَدْ سَبَقَ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إذَا جَامَعَ حَالَ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ وَقَدْ سَبَقَ تَضْعِيفُهُ فَإِنْ جَامَعَ نَاسِيًا لِلِاعْتِكَافِ أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَجَمَاعَاتٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ أَكْثَرُ الْخُرَاسَانِيِّينَ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي نَظِيرِهِ في الصوم والله أَعْلَمُ

* وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يُفْسِدُهُ مِنْ الوطئ إلَّا مَا يُوجِبُ الْحَدَّ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>