أَنْزَلَ فَسَدَ وَقِيلَ هُمَا إذَا أَنْزَلَ وَإِلَّا فَلَا يَفْسُدُ وَقِيلَ هُمَا فِي الْحَالَيْنِ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ مِثْلَهُ لَكِنْ لَمْ يَنُصَّا عَلَى الْأَصَحِّ فَهَذِهِ طُرُقُ الْأَصْحَابِ وَمُخْتَصَرُهَا أَنَّ جُمْهُورَ العراقيين لا يعتبرون الانزال واعتبره أبو إسحق الْمَرْوَزِيُّ وَالدَّارِمِيُّ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَمَاهِيرُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَصَحِّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَرَاهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ إنْ أَنْزَلَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَإِلَّا فَلَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} إذَا اسْتَمْنَى بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ أَنْزَلَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا إذَا لَمَسَ أَوْ قَبَّلَ فَأَنْزَلَ لَا يَبْطُلُ فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَا فَوَجْهَانِ لِأَنَّ كَمَالَ اللَّذَّةِ بِاصْطِكَاكِ الْبَشَرَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ أَمَّا إذَا نَظَرَ فَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ قَطْعًا كَمَا سَبَقَ فِي الصَّوْمِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ به هنا والدارمى والله أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} قَالَ الْبَغَوِيّ كُلُّ مَوْضِعٍ لَزِمَ الْمُعْتَكِفَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ إمَّا بِاحْتِلَامٍ وَإِمَّا بِجِمَاعٍ نَاسِيًا أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ وَأَنْزَلَ وَقُلْنَا لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِذَلِكَ فَمَكَثَ فِي الْمَسْجِدِ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِلِاغْتِسَالِ وَيَحْرُمُ الْمُكْثُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْخُرُوجِ وَلَا يُحْسَبُ زَمَانُ الْجَنَابَةِ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَكَذَلِكَ زَمَانُ السُّكْرِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَقِيلَ يُحْسَبُ
لَهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ عَاصٍ كَمَا لَوْ أَكَلَ حَرَامًا آخَرَ وَقِيلَ يُحْسَبُ زَمَانُ السُّكْرِ دُونَ زَمَانِ الْجَنَابَةِ لِأَنَّ عِصْيَانَ الْجُنُبِ لِلْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَعِصْيَانُ السَّكْرَانِ لِلشُّرْبِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ حَتَّى لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا فَاعْتَكَفَهُ جُنُبًا لَا يُحْسَبُ لَهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَقَرَأَهُ جُنُبًا لَا يُحْسَبُ لَهُ عَنْ نَذْرِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ لِلْقُرْبَةِ وَمَا يَفْعَلُهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ بَلْ مَعْصِيَةٌ وَلَوْ حَاضَتْ الْمُعْتَكِفَةُ لَزِمَهَا الْخُرُوجُ فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ لَمْ يُحْسَبْ زَمَانُ الْحَيْضِ وَكَذَلِكَ إذَا ارْتَدَّ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْبَغَوِيِّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَلْزَمُ الْجُنُبَ الْمُبَادَرَةُ بِالْغُسْلِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَاتِ لِكَيْ لَا يَبْطُلَ تَتَابُعُهُ قَالُوا وَلَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلِاغْتِسَالِ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الْغُسْلُ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَصْوَنُ لِلْمَسْجِدِ وَلِمُرُوءَتِهِ
* {فَرْعٌ} الْمَرْأَةُ الْمُعْتَكِفَةُ كَالرَّجُلِ الْمُعْتَكِفِ فِي تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ وَالْمُبَاشَرَةِ بِشَهْوَةٍ وَفِي إفْسَادِهِ بِهِمَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمَةِ الذَّاكِرَةِ الْمُخْتَارَةِ وَالنَّاسِيَةِ وَالْجَاهِلَةِ وَالْمُكْرَهَةِ كَمَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute